ترجمة الإمام الرافعي رحمه الله تعالى

377 – عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن الْفضل بن الْحُسَيْن بن الْحسن الإِمَام الْعَلامَة إِمَام الدَّين أَبُو الْقَاسِم الْقزْوِينِي الرَّافِعِيّ صَاحب الشَّرْح الْمَشْهُور كَالْعلمِ المنشور وَإِلَيْهِ يرجع عَامَّة الْفُقَهَاء من أَصْحَابنَا فِي هَذِه الْأَعْصَار فِي غَالب الأقاليم والأمصار وَلَقَد برز فِيهِ على كثير مِمَّن تقدمه وَحَازَ قصب السَّبق فَلَا يدْرك شأوه إِلَّا من وضع يَدَيْهِ حَيْثُ وضع قدمه تفقه على وَالِده وَغَيره وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة وَقَالَ ابْن الصّلاح أَظن اني لم أر فِي بِلَاد الْعَجم مثله كَانَ ذَا فنون حسن السِّيرَة جميل الْأَمر صنف شرح الْوَجِيز فِي بضعَة عشر مجلدا لم يشْرَح الْوَجِيز بِمثلِهِ وَقَالَ النَّوَوِيّ إِنَّه كَانَ من الصَّالِحين المتمكنين وَكَانَت لَهُ كرامات كَثِيرَة ظَاهِرَة وَقَالَ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد الإِسْفِرَايِينِيّ فِي الْأَرْبَعين تأليفه هُوَ شَيخنَا إِمَام الدَّين وناصر السّنة صدقا كَانَ أوحد عصره فِي الْعُلُوم الدِّينِيَّة أصولا وفروعا ومجتهد زَمَانه فِي الْمَذْهَب وفريد وقته فِي التَّفْسِير وَكَانَ لَهُ مجْلِس بقزوين للتفسير ولتسميع الحَدِيث صنف شرحا لمُسْند الشَّافِعِي وأسمعه وصنف شرحا للوجيز ثمَّ صنف أوجز مِنْهُ وَكَانَ زاهدا ورعا متواضعا سمع الْكثير قَالَ الذَّهَبِيّ وَيظْهر عَلَيْهِ اعتناء قوي بِالْحَدِيثِ وفنونه فِي شرح الْمسند وَقيل إِنَّه لم يجد زيتا للمطالعة فِي قَرْيَة بَات فِيهَا فتألم فأضاء لَهُ عرق كرمة فَجَلَسَ يطالع وَيكْتب عَلَيْهِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيّ صَاحب شرح الْوَجِيز الَّذِي لم يصنف فِي الْمَذْهَب مثله وَكَانَ إِمَامًا فِي الْفِقْه وَالتَّفْسِير والْحَدِيث وَالْأُصُول وَغَيرهَا طَاهِر اللِّسَان فِي تصنيفه كثير الْأَدَب شَدِيد الِاحْتِرَاز فِي المنقولات فَلَا يُطلق نقلا عَن أحد غَالِبا إِلَّا إِذا رَآهُ فِي كَلَامه فَإِن لم يقف عَلَيْهِ فِيهِ عبر بقوله وَعَن فلَان كَذَا شَدِيد الِاحْتِرَاز أَيْضا فِي مَرَاتِب التَّرْجِيح قَالَ وَأكْثر أَخذه بعد كَلَام الْغَزالِيّ المشروح من سِتَّة كتب النِّهَايَة والتتمة والتهذيب والشامل وَتَجْرِيد ابْن كج وأمالي السَّرخسِيّ الزاز وَمَعَ ذَلِك إِذا استقريت كتب الشَّافِعِيَّة المطولة وجدت الرَّافِعِيّ أَكثر اطلاعا من كل من تقدمه وَله شعر حسن ذكر مِنْهُ فِي الأمالي وَمِنْه … أقيما على بَاب الرَّحِيم أقيما … وَلَا تنيا فِي ذكره فتهيما … … هُوَ الرب من يقرع على الصدْق بَابه … يجده رؤوفا بالعباد رحِيما …
قَالَ ابْن الصّلاح توفّي فِي أَوَاخِر سنة ثَلَاث أَو أَوَائِل سنة أَربع وَعشْرين وسِتمِائَة بقزوين وَقَالَ ابْن خلكان توفّي فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وعمره نَحْو سِتّ وَسِتِّينَ سنة وَمن تصانيفه الْعَزِيز فِي شرح الْوَجِيز الَّذِي يَقُول فِيهِ النَّوَوِيّ بعد وَصفه وَاعْلَم أَنه لم يصنف فِي مَذْهَب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ مَا يحصل لَك مَجْمُوع مَا ذكرته أكمل من كتاب الرَّافِعِيّ ذِي التحقيقات بل اعتقادي واعتقاد كل مُصَنف أَنه لم يُوجد مثله فِي الْكتب السابقات وَلَا المتأخرات فِيمَا ذكرته من الْمَقَاصِد الْمُهِمَّات وَالشَّرْح الصَّغِير وَهُوَ مُتَأَخّر عَن الْعَزِيز وَلم يلقبه وَلم يقف عَلَيْهِ النَّوَوِيّ وَالْمُحَرر وَشرح الْمسند وَهُوَ مجلدان ضخمان قَالَ فِي أَوله ابتدأت فِي إمْلَائِهِ فِي رَجَب سنة ثِنْتَيْ عشرَة وسِتمِائَة وَهُوَ عقب فرَاغ الشَّرْح الْكَبِير والتذنيب مُجَلد لطيف يتَعَلَّق بالوجيز كالدقائق للمنهاج والأمالي فِي مُجَلد وأخطار الْحجاز وَكَانَ قد شرع قبل الشَّرْح الْكَبِير فِي شرح على الْوَجِيز أبسط من الْمَذْكُور سَمَّاهُ الشَّرْح الْمَحْمُود وصل فِيهِ إِلَى أثْنَاء الصَّلَاة فِي مجلدات ثمَّ عدل عَنهُ وَقد أَشَارَ إِلَى تِلْكَ الْقطعَة فِي الْعَزِيز فِي كتاب الْحيض فِي مَسْأَلَة الْمُتَحَيِّرَة
والرافعي مَنْسُوب إِلَى رافعان بَلْدَة من بِلَاد قزوين قَالَه النَّوَوِيّ قَالَ الْإِسْنَوِيّ وَسمعت قَاضِي الْقُضَاة جلال الدَّين الْقزْوِينِي يَقُول إِن رافعان بالعجمي مثل الرَّافِعِيّ بالعربي فَإِن الْألف وَالنُّون فِي آخر الِاسْم عِنْد الْعَجم كياء النِّسْبَة فِي آخِره عِنْد الْعَرَب فرافعان نِسْبَة إِلَى رَافع قَالَ ثمَّ انه لَيْسَ بنواحي قزوين بَلْدَة يُقَال لَهَا رافعان وَلَا رَافع بل هُوَ مَنْسُوب إِلَى جد لَهُ يُقَال لَهُ رَافع قَالَ الشَّيْخ جمال الدَّين الْإِسْنَوِيّ وَحكى بعض الْفُضَلَاء عَن شَيْخه قَالَ سَأَلت القَاضِي مظفر الدَّين قَاضِي قزوين إِلَى مَاذَا نِسْبَة الرَّافِعِيّ فَقَالَ كتب بِخَطِّهِ وَهُوَ عِنْدِي فِي كتاب التدوين فِي أَخْبَار قزوين أَنه مَنْسُوب إِلَى رَافع بن خديج رَضِي الله عَنهُ وَحكى ابْن كثير قولا إِنَّه مَنْسُوب إِلَى أبي رَافع مولى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة