كِتَابُ الْوَصَايَا

. كِتَابُ الْوَصَايَا (أوله 5 قف، فيه 23 قف، 6 فصول)

تَصِحُّ وَصِيَّةُ كُلِّ مُكَلَّفٍ حُرٍّ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا، وَكَذَا مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ عَلَى المَذْهَبِ[1]، لَا مَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَصَبِيٍّ، وَفِي قَوْلٍ: تَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ وَلَا رَقِيقٍ، وَقِيلَ: إِنْ عَتَقَ ثُمَّ مَاتَ صَحَّتْ. وَإِذَا أَوْصَى: لِجِهَةٍ عَامَّةٍ فَالشَّرْطُ: أَنْ لَا تَكُونَ مَعْصِيَةً كَعِمَارَةِ كَنِيسَةٍ، أَوْ لِشَخْصٍ فَالشَّرْطُ: أَنْ يُتَصَوَّرَ لَهُ الْمِلْكُ فَتَصِحُّ لِحَمْلٍ وَتَنْفُذُ إِنِ انْفَصَلَ حَيًّا وَعُلِمَ وُجُودُهُ عِنْدَهَا بِأَنِ انْفَصَلَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ،§ فَإِنِ انْفَصَلَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ، وَالمَرْأَةُ فِرَاشُ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِرَاشًا وَانْفَصَلَ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ فَكَذَلِكَ، أَوْ لِدُونِهِ اسْتَحَقَّ فِي الْأَظْهَرِ[2]. وَإِنْ أَوْصَى لِعَبْدٍ فَاسْتَمَرَّ رِقُّهُ فَالْوَصِيَّةُ لِسَيِّدِهِ، فَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ مَوْتِ المُوصِي فَلَهُ، وَإِنْ عَتَقَ بَعْدَ مَوْتِهِ ثُمَّ قَبِلَ بُنِيَ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِمَ تُمْلَكُ.§ وَإِنْ أَوْصَى لِدَابَّةٍ وَقَصَدَ تَمْلِيكَهَا أَوْ أَطْلَقَ فَبَاطِلَةٌ، وَإِنْ قَالَ: (لِيُصْرَفَ فِي عَلْفِهَا) فَالمَنْقُولُ[3] صِحَّتُهَا. وَتَصِحُّ لِعِمَارَةِ مَسْجِدٍ، وَكَذَا إِنْ أَطْلَقَ فِي الْأَصَحِّ[4]، وَيُحْمَلُ عَلَى عِمَارَتِهِ وَمَصَالِحِهِ، وَلِذِمِّيٍّ، وَكَذَا حَرْبِيٌّ وَمُرْتَدٌّ فِي الْأَصَحِّ[5]، وَقَاتِلٌ فِي الْأَظْهَرِ[6]، وَلِوَارِثٍ فِي الْأَظْهَرِ[7] إِنْ أَجَازَ بَاقِي الْوَرَثَةِ، وَلَا عِبْرَةَ بِرَدِّهِمْ وَإِجَازَتِهِمْ فِي حَيَاةِ المُوصِي، وَالْعِبْرَةُ فِي كَوْنِهِ وَارِثًا بِيَوْمِ المَوْتِ.§ وَالْوَصِيَّةُ لِكُلِّ وَارِثٍ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ لَغْوٌ، وَبِعَيْنٍ هِيَ قَدْرُ حِصَّتِهِ صَحِيحَةٌ وَتَفْتَقِرُ إِلَى الْإِجَازَةِ فِي الْأَصَحِّ[8]. وَتَصِحُّ بِالحَمْلِ، وَيُشْتَرَطُ انْفِصَالُهُ حَيًّا لِوَقْتٍ يُعْلَمُ وُجُودُهُ عِنْدَهَا، وَبِالمَنَافِعِ، وَكَذَا بِثَمَرَةٍ أَوْ حَمْلٍ سَيَحْدُثَانِ فِي الْأَصَحِّ[9]، وَبِأَحَدِ عَبْدَيْهِ، وَبِنَجَاسَةٍ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهَا كَكَلْبٍ مُعَلَّمٍ وَزِبْلٍ وَخَمْرٍ مُحْتَرَمَةٍ. وَلَوْ أَوْصَى بِكَلْبٍ مِنْ كِلَابِهِ أُعْطِيَ أَحَدَهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَلْبٌ لَغَتْ،§ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَكِلَابٌ وَوَصَّى بِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا؛ فَالْأَصَحُّ[10] نُفُوذُهَا وَإِنْ كَثُرَتْ وَقَلَّ المَالُ. وَلَوْ أَوْصَى بِطَبْلٍ وَلَهُ طَبْلُ لَهْوٍ وَطَبْلٌ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَطَبْلِ حَرْبٍ وَحَجِيجٍ حُمِلَتْ عَلَى الثَّانِي، وَلَوْ أَوْصَى بِطَبْلِ اللَّهْوِ لَغَتْ إِلَّا أَنْ يَصْلُحَ لِحَرْبٍ أَوْ حَجِيجٍ.§

1. فَصْلٌ (2 قف)

يَنْبَغِي أَلَّا يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، فَإِنْ زَادَ وَرَدَّ الْوَارِثُ بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ، وَإِنْ أَجَازَ فَإِجَازَتُهُ تَنْفِيذٌ[11]، وَفِي قَوْلٍ: عَطِيَّةٌ مُبْتَدَأَةٌ، وَالْوَصِيَّةُ بِالزِّيَادَةِ لَغْوٌ. وَيُعْتَبَرُ المَالُ يَوْمَ المَوْتِ، وَقِيلَ: يَوْمَ الْوَصِيَّةِ. وَيُعْتَبَرُ مِنَ الثُّلُثِ أَيْضًا عِتْقٌ عُلِّقَ بِالمَوْتِ، وَتَبَرُّعٌ نُجِّزَ فِي مَرَضِهِ كَوَقْفٍ وَهِبَةٍ وَعِتْقٍ وَإِبْرَاءٍ.§ وَإِذَا اجْتَمَعَ تَبَرُّعَاتٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالمَوْتِ وَعَجَزَ الثُّلُثُ فَإِنْ تَمَحَّضَ الْعِتْقُ أُقْرِعَ. أَوْ غَيْرُهُ قُسِّطَ الثُّلُثُ. أَوْ هُوَ وَغَيْرُهُ قُسِّطَ بِالْقِيمَةِ، وَفِي قَوْلٍ: يُقَدَّمُ الْعِتْقُ. أَوْ مُنَجَّزَةٌ قُدِّمَ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ حَتَّى يَتِمَّ الثُّلُثُ. فَإِنْ وُجِدَتْ دُفْعَةً وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ كَعِتْقِ عَبِيدٍ أَوْ إِبْرَاءِ جَمْعٍ أُقْرِعَ فِي الْعِتْقِ وَقُسِّطَ فِي غَيْرِهِ. وَإِنِ اخْتَلَفَ وَتَصَرَّفَ وُكَلَاءُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عِتْقٌ قُسِّطَ، وَإِنْ كَانَ قُسِّطَ، وَفِي قَوْلٍ: يُقَدَّمُ الْعِتْقُ. وَلَوْ كَانَ لَهُ عَبْدَانِ فَقَطْ سَالِمٌ وَغَانِمٌ، فَقَالَ: (إِنْ أَعْتَقْتُ غَانِمًا فَسَالِمٌ حُرٌّ) ثُمَّ أَعْتَقَ غَانِمًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَتَقَ وَلَا إِقْرَاعَ. وَلَوْ أَوْصَى بِعَيْنٍ حَاضِرَةٍ هِيَ ثُلُثُ مَالِهِ وَبَاقِيهِ غَائِبٌ لَمْ تُدْفَعْ كُلُّهَا إِلَيْهِ فِي الحَالِ، وَالْأَصَحُّ[12]: أَنَّهُ لَا يَتَسَلَّطُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الثُّلُثِ أَيْضًا.§

2. فَصْلٌ (4 قف)

إِذَا ظَنَنَّا المَرَضَ مَخُوفًا لَمْ يَنْفُذْ[13] تَبَرُّعٌ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، فَإِنْ بَرَأَ نَفَذَ. وَإِنْ ظَنَنَّاهُ غَيْرَ مَخُوفٍ فَمَاتَ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْفَجْأَةِ نَفَذَ، وَإِلَّا فَمَخُوفٌ. وَلَوْ شَكَكْنَا فِي كَوْنِهِ مَخُوفًا لَمْ يَثْبُتْ إِلَّا بِطَبِيبَيْنِ حُرَّيْنِ عَدْلَيْنِ. وَمِنَ المَخُوفِ: قُولَنْجٌ[14]، وَذَاتُ جَنْبٍ[15]، وَرُعَافٌ دَائِمٌ[16]، وَإِسْهَالٌ مُتَوَاتِرٌ[17]، وَدِقٌّ[18]، وَابْتِدَاءُ فَالِجٍ[19]، وَخُرُوجُ طَعَامٍ غَيْرَ مُسْتَحِيلٍ، أَوْ كَانَ يَخْرُجُ بِشِدَّةٍ وَوَجَعٍ، أَوْ وَمَعَهُ دَمٌ، وَحُمَّى مُطْبِقَةٌ، أَوْ غَيْرُهَا إِلَّا الرِّبْعَ.§ وَالمَذْهَبُ[20]: أَنَّهُ يُلْحَقُ بِالمَخُوفِ: أَسْرُ كُفَّارٍ اعْتَادُوا قَتْلَ الْأَسْرَى، وَالْتِحَامُ قِتَالٍ بَيْنَ مُتَكَافِئَيْنِ، وَتَقْدِيمٌ لِقِصَاصٍ أَوْ رَجْمٍ، وَاضْطِرَابُ رِيحٍ، وَهَيَجَانُ مَوْجٍ فِي رَاكِبِ سَفِينَةٍ، وَطَلْقُ حَامِلٍ، وَبَعْدَ الْوَضْعِ مَا لَمْ تَنْفَصِلِ المَشِيمَةُ. وَصِيغَتُهَا: (أَوْصَيْتُ لَهُ بِكَذَا) أَوِ (ادْفَعُوا إِلَيْهِ) أَوْ (أَعْطُوهُ بَعْدَ مَوْتِي) أَوْ (جَعَلْتُهُ لَهُ) أَوْ (هُوَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِي)، فَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى: (هُوَ لَهُ) فَإِقْرَارٌ إِلَّا أَنْ يَقُولَ: (هُوَ لَهُ مِنْ مَالِي) فَيَكُونُ وَصِيَّةً.§ وَتَنْعَقِدُ بِكِنَايَةٍ، وَالْكِتَابَةُ كِنَايَةٌ. وَإِنْ أَوْصَى لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ لَزِمَتْ بِالمَوْتِ بَلَا قَبُولٍ، أَوْ لِمُعَيَّنٍ اشْتُرِطَ الْقَبُولُ. وَلَا يَصِحُّ قَبُولٌ وَلَا رَدٌّ فِي حَيَاةِ المُوصِي، وَلَا يُشْتَرَطُ بَعْدَ مَوْتِهِ الْفَوْرُ. فَإِنْ مَاتَ المُوصَى لَهُ قَبْلَهُ بَطَلَتْ، أَوْ بَعْدَهُ فَيَقْبَلُ وَارِثُهُ.§ وَهَلْ يَمْلِكُ المُوصَى لَهُ بِمَوْتِ المُوصِي؟ أَمْ بِقَبُولِهِ؟ أَمْ مَوْقُوفٌ؟. فَإِنْ قَبِلَ بَانَ أَنَّهُ مَلَكَ بِالمَوْتِ؟ وَإِلَّا بَانَ لِلْوَارِثِ؟ أَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا الثَّالِثُ[21]، وَعَلَيْهَا تُبْنَى الثَّمَرَةُ وَكَسْبُ عَبْدٍ حَصَلَا بَيْنَ المَوْتِ وَالْقَبُولِ، وَنَفَقَتُهُ وَفِطْرَتُهُ، وَنُطَالِبُ المُوصَى لَهُ بِالنَّفَقَةِ إِنْ تَوَقَّفَ فِي قَبُولِهِ وَرَدِّهِ.§

3. فَصْلٌ (4 قف)

أَوْصَى بِشَاةٍ تَنَاوَلَ صَغِيرَةَ الجُثَّةِ وَكَبِيرَتَهَا، سَلِيمَةً وَمَعِيبَةً، ضَأْنًا وَمَعْزًا، وَكَذَا ذَكَرٌ فِي الْأَصَحِّ[22]، لَا سَخْلَةٌ وَعَنَاقٌ فِي الْأَصَحِّ[23]. وَلَوْ قَالَ: (أَعْطُوهُ شَاةً مِنْ غَنَمِي) وَلَا غَنَمَ لَهُ لَغَتْ، وَإِنْ قَالَ: (مِنْ مَالِي) اشْتُرِيَتْ لَهُ. وَالجَمَلُ وَالنَّاقَةُ يَتَنَاوَلَانِ الْبَخَاتِيَّ وَالْعِرَابَ، لَا أَحَدُهُمَا الْآخَرَ. وَالْأَصَحُّ[24]: تَنَاوُلُ بَعِيرٍ نَاقَةً، لَا بَقَرَةٍ ثَوْرًا، وَالثَّوْرُ لِلذَّكَرِ.§ وَالمَذْهَبُ[25]: حَمْلُ الدَّابَّةِ عَلَى فَرَسٍ وَبَغْلٍ وَحِمَارٍ. وَيَتَنَاوَلُ الرَّقِيقُ: صَغِيرًا وَأُنْثَى وَمَعِيبًا وَكَافِرًا وَعُكُوسَهَا، وَقِيلَ: إِنْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ وَجَبَ المُجْزِئُ كَفَّارَةً. وَلَوْ أَوْصَى بِأَحَدِ رَقِيقِهِ فَمَاتُوا أَوْ قُتِلُوا قَبْلَ مَوْتِهِ بَطَلَتْ، وَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ تَعَيَّنَ، أَوْ بِإِعْتَاقِ رِقَابٍ فَثَلَاثٌ، فَإِنْ عَجَزَ ثُلُثُهُ عَنْهُنَّ؛ فَالمَذْهَبُ[26]: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَى شِقْصٌ بَلْ نَفِيسَتَانِ بِهِ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَنْفَسِ رَقَبَتَيْنِ شَيْءٌ فَلِلْوَرَثَةِ. وَلَوْ قَالَ: ثُلُثِي لِلْعِتْقِ اشْتُرِيَ شِقْصٌ. وَلَوْ وَصَّى لِحَمْلِهَا فَأَتَتْ بِوَلَدَيْنِ فَلَهُمَا، أَوْ بِحَيٍّ وَمَيِّتٍ فَكُلُّهُ لِلْحَيِّ فِي الْأَصَحِّ[27]. وَلَوْ قَالَ: (إِنْ كَانَ حَمْلُكِ ذَكَرًا) أَوْ قَالَ: (أُنْثَى فَلَهُ كَذَا) فَوَلَدَتْهُمَا لَغَتْ. وَلَوْ قَالَ: (إِنْ كَانَ بِبَطْنِهَا ذَكَرٌ) فَوَلَدَتْهُمَا اسْتَحَقَّ الذَّكَرُ، أَوْ وَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ؛ فَالْأَصَحُّ[28] صِحَّتُهَا وَيُعْطِيهِ الْوَارِثُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا. وَلَوْ وَصَّى لِجِيرَانِهِ فَلِأَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ.§ وَالْعُلَمَاءُ: أَصْحَابُ عُلُومِ الشَّرْعِ مِنْ تَفْسِيرٍ وَحَدِيثٍ وَفِقْهٍ، لَا مُقْرِئٌ وَأَدِيبٌ وَمُعَبِّرٌ وَطَبِيبٌ، وَكَذَا مُتَكَلِّمٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ[29]. وَيَدْخُلُ فِي وَصِيَّةِ الْفُقَرَاءِ المَسَاكِينُ وَعَكْسُهُ، وَلَوْ جَمَعَهُمَا شُرِّكَ نِصْفَيْنِ، وَأَقَلُّ كُلِّ صِنْفٍ ثَلَاثَةٌ، وَلَهُ التَّفْضِيلُ. أَوْ لِزَيْدٍ وَالْفُقَرَاءِ؛ فَالمَذْهَبُ[30] أَنَّهُ كَأَحَدِهِمْ فِي جَوَازِ إِعْطَائِهِ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ، لَكِنْ لَا يُحْرَمُ. أَوْ لِجَمْعٍ مُعَيَّنٍ غَيْرِ مُنْحَصِرٍ كَالْعَلَوِيَّةِ صَحَّتْ فِي الْأَظْهَرِ[31]، وَلَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثَةٍ. أَوْ لِأَقَارِبِ زَيْدٍ دَخَلَ كُلُّ قَرَابَةٍ وَإِنْ بَعُدَ، إِلَّا أَصْلًا وَفَرْعًا فِي الْأَصَحِّ[32]،§ وَلَا تَدْخُلُ قَرَابَةُ أُمٍّ فِي وَصِيَّةِ الْعَرَبِ فِي الْأَصَحِّ[33]، وَالْعِبْرَةُ بِأَقْرَبِ جَدٍّ يُنْسَبُ إِلَيْهِ زَيْدٌ، وَتُعَدُّ أَوْلَادُهُ قَبِيلَةً. وَيَدْخُلُ فِي أَقْرَبِ أَقَارِبِهِ الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ. وَالْأَصَحُّ[34]: تَقْدِيمُ ابْنٍ عَلَى أَبٍ، وَأَخٍ عَلَى جَدٍّ، وَلَا يُرَجَّحُ بِذُكُورَةٍ وَوِرَاثَةٍ، بَلْ يَسْتَوِي الْأَبُ وَالْأُمُّ، وَالِابْنُ وَالْبِنْتُ، وَيُقَدَّمُ ابْنُ الْبِنْتِ عَلَى ابْنِ ابْنِ الِابْنِ. وَلَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِ نَفْسِهِ لَمْ تَدْخُلْ وَرَثَتُهُ فِي الْأَصَحِّ[35].§

4. فَصْلٌ (3 قف)

تَصِحُّ بِمَنَافِعِ عَبْدٍ وَدَارٍ وَغَلَّةِ حَانُوتٍ، وَيَمْلِكُ المُوصَى لَهُ مَنْفَعَةَ الْعَبْدِ، وَأَكْسَابَهُ المُعْتَادَةَ، وَكَذَا مَهْرُهَا فِي الْأَصَحِّ[36]، لَا وَلَدُهَا فِي الْأَصَحِّ[37]، بَلْ هُوَ كَالْأُمِّ مَنْفَعَتُهُ لَهُ، وَرَقَبَتُهُ لِلْوَارِثِ، وَلَهُ إِعْتَاقُهُ، وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ إِنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ مُدَّةً، وَكَذَا أَبَدًا فِي الْأَصَحِّ[38]، وَبَيْعُهُ إِنْ لَمْ يُؤَبَّدْ كَالمُسْتَأْجَرِ،§ وَإِنْ أَبَّدَ؛ فَالْأَصَحُّ[39] أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِلْمُوصَى لَهُ دُونَ غَيْرِهِ، وَأَنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْعَبْدِ كُلُّهَا مِنَ الثُّلُثِ إِنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا، وَإِنْ أَوْصَى بِهَا مُدَّةً قُوِّمَ بِمَنْفَعَتِهِ ثُمَّ مَسْلُوبَهَا تِلْكَ المُدَّةَ، وَيُحْسَبُ النَّاقِصُ مِنَ الثُّلُثِ. وَتَصِحُّ بِحَجِّ تَطَوُّعٍ فِي الْأَظْهَرِ[40]، وَيُحَجُّ مِنْ بَلَدِهِ أَوِ المِيقَاتِ كَمَا قَيَّدَ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَمِنَ الْمِيقَاتِ فِي الْأَصَحِّ[41]. وَحَجَّةُ الْإِسْلَامِ مِنْ رَأْسِ المَالِ، فَإِنْ أَوْصَى بِهَا مِنْ رَأْسِ المَالِ أَوِ الثُّلُثِ عُمِلَ بِهِ،§ وَإِنْ أَطْلَقَ الْوَصِيَّةَ بِهَا فَمِنْ رَأْسِ المَالِ، وَقِيلَ: مِنَ الثُّلُثِ. وَيُحَجُّ مِنَ الْمِيقَاتِ. وَلِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَحُجَّ عَنِ المَيْتِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فِي الْأَصَحِّ[42]. وَيُؤَدِّي الْوَارِثُ عَنْهُ الْوَاجِبَ المَالِيَّ فِي كَفَّارَةٍ مُرَتَّبَةٍ، وَيُطْعِمُ وَيَكْسُو فِي المُخَيَّرَةِ، وَالْأَصَحُّ[43]: أَنَّهُ يُعْتِقُ أَيْضًا، وَأَنَّ لَهُ الْأَدَاءَ مِنْ مَالِهِ إِذَا لَمْ تَكُنْ تَرِكَةٌ، وَأَنَّهُ يَقَعُ عَنْهُ لَوْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ بِطَعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ، لَا إِعْتَاقٍ فِي الْأَصَحِّ[44]. وَتَنْفَعُ المَيْتَ صَدَقَةٌ وَدُعَاءٌ مِنْ وَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ.§

5. فَصْلٌ (2 قف)

لَهُ الرُّجُوعُ عَنِ الْوَصِيَّةِ وَعَنْ بَعْضِهَا بِقَوْلِهِ: (نَقَضْتُ الْوَصِيَّةَ) أَوْ (أَبْطَلْتُهَا) أَوْ (رَجَعْتُ فِيهَا) أَوْ (فَسَخْتُهَا) أَوْ (هَذَا لِوَارِثِي). وَبِبَيْعٍ وَإِعْتَاقٍ وَإِصْدَاقٍ، وَكَذَا هِبَةٌ أَوْ رَهْنٌ مَعَ قَبْضٍ، وَكَذَا دُونَهُ فِي الْأَصَحِّ[45]. وَبِوَصِيَّةٍ بِهَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ، وَكَذَا تَوْكِيلٌ فِي بَيْعِهِ وَعَرْضِهِ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ[46].§ وَخَلْطُ حِنْطَةٍ مُعَيَّنَةٍ رُجُوعٌ، وَلَوْ أَوْصَى بِصَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ فَخَلَطَهَا بِأَجْوَدَ مِنْهَا فَرُجُوعٌ، أَوْ بِمِثْلِهَا فَلَا، وَكَذَا بِأَرْدَأَ فِي الْأَصَحِّ[47]. وَطَحْنُ حِنْطَةٍ وَصَّى بِهَا، وَبَذْرُهَا، وَعَجْنُ دَقِيقٍ، وَغَزْلُ قُطْنٍ، وَنَسْجُ غَزْلٍ، وَقَطْعُ ثَوْبٍ قَمِيصًا، وَبِنَاءٌ وَغِرَاسٌ فِي عَرْصَةٍ رُجُوعٌ.§

6. فَصْلٌ (3 قف)

يُسَنُّ الْإِيصَاءُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَتَنْفِيذِ الْوَصَايَا، وَالنَّظَرِ فِي أَمْرِ الْأَطْفَالِ. وَشَرْطُ الْوَصِيِّ: تَكْلِيفٌ، وَحُرِّيَّةٌ، وَعَدَالَةٌ، وَهِدَايَةٌ إِلَى التَّصَرُّفِ فِي المُوصَى بِهِ، وَإِسْلَامٌ، لَكِنِ الْأَصَحُّ[48]: جَوَازُ وَصِيَّةِ ذِمِّيٍّ إِلَى ذِمِّيٍّ. وَلَا يَضُرُّ الْعَمَى فِي الْأَصَحِّ[49]، وَلَا تُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ، وَأُمُّ الْأَطْفَالِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهَا. وَيَنْعَزِلُ الْوَصِيُّ بِالْفِسْقِ، وَكَذَا الْقَاضِي فِي الْأَصَحِّ[50]، لَا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ. وَيَصِحُّ الْإِيصَاءُ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ.§ وَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ مِنْ كُلِّ حُرٍّ مُكَلَّفٍ. وَيُشْتَرَطُ فِي أَمْرِ الْأَطْفَالِ مَعَ هَذَا: أَنْ يَكُونَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِمْ. وَلَيْسَ لِوَصِيٍّ إِيصَاءٌ، فَإِنْ أُذِنَ لَهُ فِيهِ جَازَ لَهُ فِي الْأَظْهَرِ[51]. وَلَوْ قَالَ: (أَوْصَيْتُ إِلَيْكَ إِلَى بُلُوغِ ابْنِي أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ فَإِذَا بَلَغَ أَوْ قَدِمَ فَهُوَ الْوَصِيُّ) جَازَ. وَلَا يَجُوزُ نَصْبُ وَصِيٍّ وَالجَدُّ حَيٌّ بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ، وَلَا الْإِيصَاءُ بِتَزْوِيجِ طِفْلٍ وَبِنْتٍ.§ وَلَفْظُهُ: (أَوْصَيْتُ إِلَيْكَ) أَوْ (فَوَّضْتُ)، وَنَحْوُهُمَا. وَيَجُوزُ فِيهِ: التَّوْقِيتُ وَالتَّعْلِيقُ. وَيُشْتَرَطُ: بَيَانُ مَا يُوصِي فِيهِ؛ فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى: (أَوْصَيْتَ إِلَيْكَ) لَغَا وَالْقَبُولُ، وَلَا يَصِحُّ فِي حَيَاتِهِ فِي الْأَصَحِّ[52]. وَلَوْ وَصَّى اثْنَيْنِ لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا إِلَّا إِنْ صَرَّحَ بِهِ. وَلِلْمُوصِي وَالْوَصِيِّ الْعَزْلُ مَتَى شَاءَ. وَإِذَا بَلَغَ الطِّفْلُ وَنَازَعَهُ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ صُدِّقَ الْوَصِيُّ، أَوْ فِي دَفْعٍ إِلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ صُدِّقَ الْوَلَدُ.§