. كِتَابُ الْوَقْفِ (أوله 5 قف، فيه 10 قف، 3 فصول)
شَرْطُ الْوَاقِفِ: صِحَّةُ عِبَارَتِهِ، وَأَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ. وَالمَوْقُوفِ: دَوَامُ الِانْتِفَاعِ بِهِ، لَا مَطْعُومٌ وَرَيْحَانٌ. وَيَصِحُّ وَقْفُ عَقَارٍ وَمَنْقُولٍ وَمُشَاعٍ، لَا عَبْدٍ وَثَوْبٍ فِي الذِّمَّةِ، وَلَا وَقْفُ حُرٍّ نَفْسَهُ، وَكَذَا مُسْتَوْلَدَةٌ وَكَلْبٌ مُعَلَّمٌ وَأَحَدُ عَبْدَيْهِ فِي الْأَصَحِّ[1]. وَلَوْ وَقَفَ بِنَاءً أَوْ غِرَاسًا فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ لَهُمَا فَالْأَصَحُّ[2] جَوَازُهُ. فَإِنْ وَقَفَ عَلَى مُعَيَّنٍ وَاحِدٍ أَوْ جَمْعٍ اشْتُرِطَ إِمْكَانُ تَمْلِيكِهِ فَلَا يَصِحُّ عَلَى جَنِينٍ، وَلَا عَلَى الْعَبْدِ لِنَفْسِهِ، فَلَوْ أَطْلَقَ الْوَقْفَ عَلَيْهِ فَهُوَ وَقْفٌ عَلَى سَيِّدِهِ،§ وَلَوْ أَطْلَقَ الْوَقْفَ عَلَى بَهِيمَةٍ لَغَا، وَقِيلَ: هُوَ وَقْفٌ عَلَى مَالِكِهَا. وَيَصِحُّ عَلَى ذَمِّيٍّ، لَا مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ وَنَفْسِهِ فِي الْأَصَحِّ[3]. وَإِنْ وَقَفَ عَلَى جِهَةِ مَعْصِيَةٍ كَعِمَارَةِ الْكَنَائِسِ فَبَاطِلٌ، أَوْ جِهَةِ قُرْبَةٍ كَالْفُقَرَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالمَسَاجِدِ وَالمَدَارِسِ صَحَّ، أَوْ جِهَةٍ لَا تَظْهَرُ فِيهَا الْقُرْبَةُ كَالْأَغْنِيَاءِ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ[4]. وَلَا يَصِحُّ إِلَّا بِلَفْظٍ، وَصَرِيحُهُ: (وَقَفْتُ كَذَا) أَوْ (أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِ)، وَالتَّسْبِيلُ وَالتَّحْبِيسُ صَرِيحَانِ عَلَى الصَّحِيحِ[5].§ وَلَوْ قَالَ: (تَصَدَّقْتُ بِكَذَا صَدَقَةً مُحَرَّمَةً) أَوْ (مَوْقُوفَةً) أَوْ (لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ) فَصَرِيحٌ فِي الْأَصَحِّ[6]. وَقَوْلُهُ: (تَصَدَّقْتُ) فَقَطْ لَيْسَ بِصَرِيحٍ وَإِنْ نَوَى، إِلَّا أَنْ يُضِيفَ إِلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ وَيَنْوِيَ. وَالْأَصَحُّ[7]: أَنَّ قَوْلَهُ: (حَرَّمْتُهُ) أَوْ (أَبَّدْتُهُ) لَيْسَ بِصَرِيحٍ، وَأَنَّ قَوْلَهُ: (جَعَلْتُ الْبُقْعَةَ مَسْجِدًا ) تَصِيرُ بِهِ مَسْجِدًا، وَأَنَّ الْوَقْفَ عَلَى مُعَيَّنٍ يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبُولُهُ. وَلَوْ رَدَّ بَطَلَ حَقُّهُ شَرَطْنَا الْقَبُولَ أَمْ لَا. وَلَوْ قَالَ: (وَقَفْتُ هَذَا سَنَةً) فَبَاطِلٌ.§ وَلَوْ قَالَ: (وَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي) أَوْ (عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ نَسْلِهِ) وَلَمْ يَزِدْ فَالْأَظْهَرُ[8] صِحَّةُ الْوَقْفِ، فَإِذَا انْقَرَضَ المَذْكُورُ فَالْأَظْهَرُ[9] أَنَّهُ يَبْقَى وَقْفًا، وَأَنَّ مَصْرِفَهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَى الْوَاقِفِ يَوْمَ انْقِرَاضِ المَذْكُورِ. وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ مُنْقَطِعَ الْأَوَّلِ كَـ(وَقَفْتُهُ عَلَى مَنْ سَيُولَدُ لِي) فَالمَذْهَبُ[10] بُطْلَانُهُ، أَوْ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ كَـ(وَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ رَجُلٍ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ) فَالمَذْهَبُ[11] صِحَّتُهُ. وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى: (وَقَفْتُ) فَالْأَظْهَرُ[12] بُطْلَانُهُ.§ وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ كَقَوْلِهِ: (إِذَا جَاءَ زَيْدٌ فَقَدْ وَقَفْتُ). وَلَوْ وَقَفَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ بَطَلَ عَلَى الصَّحِيحِ[13]. وَالْأَصَحُّ[14]: أَنَّهُ إِذَا وَقَفَ بِشَرْطِ أَلَّا يُؤَجَّرَ اتُّبِعَ شَرْطُهُ، وَأَنَّهُ إِذَا شَرَطَ فِي وَقْفِ المَسْجِدِ اخْتِصَاصَهُ بِطَائِفَةٍ كَالشَّافِعِيَّةِ اخْتُصَّ كَالمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى شَخْصَيْنِ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَالْأَصَحُّ المَنْصُوصُ[15] أَنَّ نَصِيبَهُ يُصْرَفُ إِلَى الْآخَرِ.§
1. فَصْلٌ (2 قف)
قَوْلُهُ: (وَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي) يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْكُلِّ، وَكَذَا لَوْ زَادَ: (مَا تَنَاسَلُوا) أَوْ (بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ). وَلَوْ قَالَ: (عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِي ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ مَا تَنَاسَلُوا) أَوْ (عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى) أَوِ (الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ) [16] فَهُوَ لِلتَّرْتِيبِ. وَلَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ فِي الْأَصَحِّ[17]. وَيَدْخُلُ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ فِي الْوَقْفِ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَالنَّسْلِ وَالْعَقِبِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ، إِلَّا أَنْ يَقُولَ: (عَلَى مَنْ يَنْتَسِبُ إِلَيَّ مِنْهُمْ).§ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مَوَالِيهِ وَلَهُ مُعْتِقٌ وَمُعْتَقٌ قُسِمَ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ: يَبْطُلُ. وَالصِّفَةُ المُتَقَدِّمَةُ عَلَى جُمَلٍ مَعْطُوفَةٍ تُعْتَبَرُ فِي الْكُلِّ كَـ(وَقَفْتُ عَلَى مُحْتَاجِي أَوْلَادِي وَأَحْفَادِي وَإِخْوَتِي)، وَكَذَا المُتَأَخِّرَةُ عَلَيْهَا وَالِاسْتِثْنَاءُ إِذَا عُطِفَ بِـ(وَاوٍ) كَقَوْلِهِ: (عَلَى أَوْلَادِي وَأَحْفَادِي وَإِخْوَتِي المُحْتَاجِينَ) أَوْ (إِلَّا أَنْ يَفْسُقَ بَعْضُهُمْ).§
2. فَصْلٌ (2 قف)
الْأَظْهَرُ[18]: أَنَّ الْمِلْكَ فِي رَقَبَةِ المَوْقُوفِ يَنْتَقِلُ إِلَى اللهِ تَعَالَى؛ أَيْ: يَنْفَكُّ عَنِ اخْتِصَاصِ الْآدَمِيِّ، فَلَا يَكُونُ لِلْوَاقِفِ وَلَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. وَمَنَافِعُهُ مِلْكٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ يَسْتَوْفِيهَا بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ بِإِعَارَةٍ وَإِجَارَةٍ، وَيَمْلِكُ الْأُجْرَةَ وَفَوَائِدَهُ كَثَمَرَةٍ وَصُوفٍ وَلَبَنٍ، وَكَذَا الْوَلَدُ فِي الْأَصَحِّ[19]، وَالثَّانِي: يَكُونُ وَقْفًا. وَلَوْ مَاتَتِ الْبَهِيمَةُ اخْتَصَّ بِجِلْدِهَا. وَلَهُ مَهْرُ الجَارِيَةِ إِذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ إِنْ صَحَّحْنَاهُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ[20].§ وَالمَذْهَبُ[21]: أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ قِيمَةَ الْعَبْدِ المَوْقُوفِ إِذَا أُتْلِفَ، بَلْ يُشْتَرَى بِهَا عَبْدٌ لِيَكُونَ وَقْفًا مَكَانَهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَبَعْضُ عَبْدٍ. وَلَوْ جَفَّتِ الشَّجَرَةُ لَمْ يَنْقَطِعِ الْوَقْفُ عَلَى المَذْهَبِ[22]، بَلْ يُنْتَفَعُ بِهَا جِذْعًا، وَقِيلَ: تُبَاعُ وَالثَّمَنُ كَقِيمَةِ الْعَبْدِ. وَالْأَصَحُّ[23]: جَوَازُ بَيْعِ حُصُرِ المَسْجِدِ إِذَا بَلِيَتْ، وَجُذُوعِهِ إِذَا انْكَسَرَتْ وَلَمْ تَصْلُحْ إِلَّا لِلْإِحْرَاقِ. وَلَوِ انْهَدَمَ مَسْجِدٌ وَتَعَذَّرَتْ إِعَادَتُهُ لَمْ يُبَعْ بِحَالٍ.§
3. فَصْلٌ (1 قف)
إِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ اتُّبِعَ، وَإِلَّا فَالنَّظَرُ لِلْقَاضِي عَلَى المَذْهَبِ[24]. وَشَرْطُ النَّاظِرِ: الْعَدَالَةُ وَالْكِفَايَةُ وَالِاهْتِدَاءُ إِلَى التَّصَرُّفِ. وَوَظِيفَتُهُ: الْعِمَارَةُ وَالْإِجَارَةُ وَتَحْصِيلُ الْغَلَّةِ وَقِسْمَتُهَا، فَإِنْ فَوَّضَ إِلَيْهِ بَعْضَ هَذِهِ الْأُمُورِ لَمْ يَتَعَدَّهُ. وَلِلْوَاقِفِ عَزْلُ مَنْ وَلَّاهُ وَنَصْبُ غَيْرِهِ، إِلَّا أَنْ يَشْرِطَ نَظَرَهُ حَالَ الْوَقْفِ. وَإِذَا أَجَّرَ النَّاظِرُ فَزَادَتِ الْأُجْرَةُ فِي المُدَّةِ أَوْ ظَهَرَ طَالِبٌ بِالزِّيَادَةِ لَمْ يَنْفَسِخِ الْعَقْدُ فِي الْأَصَحِّ[25].§