حديث عبد الله بن خليفة في جلوس الرب…شبهات وردود

╮══════════════════════╭
حديث عبد الله بن خليفة في جلوس الرب…شبهات وردود
╯═══════════════════════════╰

||كَتَبَه: مُحَــمَّد الْشَّــافِعي ════════════════════════

حديث عبد الله بن خليفة في جلوس الله تعالى، هو ما أخرجه عبد الله بن أحمد في السنة[١]، قال:”ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺃﺑﻲ-ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ-، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ، ﻋﻦ ﺳﻔﻴﺎﻥ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺇﺳﺤﺎﻕ، ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ، ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ:”ﺇﺫا ﺟﻠﺲ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺮﺳﻲ ﺳﻤﻊ ﻟﻪ ﺃﻃﻴﻂ ﻛﺃﻃﻴﻂ اﻟﺮﺣﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ”[٢].

وقد استدل بهذا الحديث من قال أن الله تعالى[مادة]كابن تيمية في مجموع الفتاوى[٣]، وذكره الذهبي-رحمه الله-في العلو[٤]، وفي العرش[٥]، عندما كان متأثراً بابن تيمية، وغيرهما.

-أقول:
وفي الحديث عدة علل:
-الأولى: جهالة عبد الله بن خليفة، فلم يوثقه إلا ابن حبان[٦]، وهو متساهل، وقال الذهبي:”لا يكاد يعرف”[٧].
وقال ابن كثير :”ليس بذاك المشهور ،وفي سماعه من عمر نظر”[٨].
-الثانية: اضطراب سنده، فمرة يرويه عبد الله بن خليفة مرسلا لا يذكر عمرا، ومرة عنه عمر من قوله.
-الثالثة: أن أبا اسحق السبيعي اختلط بآخره[٩].
-الرابعة: حكم العلماء على الحديث بالضعف والاضطراب:
فقد حكم عليه علماء الحديث بضعفه، واضطرابه.
قال ابن الجوزي:” [ الحديث الاربعون ] : روى الدارقطني من حديث أبي اسحاق عن عبد الله بن خليفة عن عمر : أن أمرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : ادع الله ان يدخلني الجنة فعظم الرب عز وجل فقال : ” إن كرسيه وسع السموات والارض ، وإن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد إذا ركب من ثقله “، هذا حديث مختلف جدا ، فتارة يروى عن عبد الله بن خليفة عن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتارة عن عمر موقوفا عليه ، وقد رواه أبو إسحاق عن ابن خليفة عن ابن عمر قال : ” إذا جلس تبارك وتعالى على الكرسي سمع له أطيط كأطيط الرحل ” ،، ورواه ابن جرير ( 187 ) عن عبد الله بن خليفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن كرسيه وسع السموات والارض وإنه ليقعد عليه فما يفضل منه مقدار أربع أصابع ثم قال بأصبعه فجمعها . . وإن له أطيطا كأطيط الرحل إذا ركب من ثقله “،، وروى أبو بكر المروزي ان ابن خليفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” الكرسي الذي يجلس عليه الرب ما يفضل منه إلا مقدار أربعة أصابع ” ، قلت : هذا على ضد اللفظ الاول ، وكل ذلك من تخليط الرواة وسوء الحفظ ، والاليق فما يفضل منه مقدار أربع أصابع : والمعنى أنه قد ملاه بهيبته وعظمته ، ويكون هذا ضرب مثل يقرب عظمة الخالق ، وقول الرواة : إذا قعد وإذا جلس من تغييرهم أو من تعبيرهم بما يظنونه من المعنى ، كما قال القائل : ثم استوى على العرش قعد ، وإنما قلنا هذا لان الخالق سبحانه وتعالى لا يجوز أن يوصف بالجلوس على شيء فيفضل من ذلك الشيء ، لان هذه صفة الاجسام ، وقال الزاغوني : معنى الحديث خرج عن صفة الاستواء أربعة أصابع ، قلت : وهذا قد قصد به مغالطة العوام (!!) وهل لما قاله معنى(؟!!) إلا أن يقال إن هذه الاربعة لم تحاذ ولم تماس وكل هذا صريح في التشبيه ظاهر في التجسيم ثم هو اثبات صفات بما لا يحسن إثباته من الاحاديث المعلولة ، وقد روينا عن أبي بكر بن مسلم العائدي قال : هذا الموضع الذي يفضل لمحمد ليجلس عليه قال : وقد كان الاليق بهذا المتعبد ان يتشاغل بعبادته عن الكلام في هذا الفن ، وقد روى القاضي أبو يعلى عن الشعبي أنه قال : ان الله تعالى قد ملا العرش حتى أن له أطيطا كأطيط الرحل . قلت : هذا كذب على الشعبي ، قال القاضي أبو يعلى : وغير ممتنع حمل الخبر على ظاهره ، في أن ذاته تملا العرش ، ثم قال : لا على شغل مكان ، قلت : ومن يخلط هذا التخليط لا يكلم ، واعجبا من يملا مكانا يشغله(!!) روى القاضي أبو يعلى عن خالد بن معدان أنه قال(؟)، إن الرحمن ليثقل على حملة العرش ،وقال : غير ممتنع حمل هذا على ظاهره ، وإن ثقله يحصل على وجه المماسة”[١٠].
وقال :”هذا حديث لا يصح عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-واسناده مضطرب جدا وعبد الله بن خليفه ليس من الصحابة فيكون الحديث الاول مرسلا وابن الحكم وعثمـان لا يعرفان وتارة يرويه ابن خليفة عن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتارة يقفه على عمر وتـارة يوقف على بن خليفة وتارة يأتي فما يفضل منه إلا قدر اربعه اصابع وتارة يأتي فما يفضل منه مقدار اربعة اصابع وكل هذا تخليط من الرواة فلا يعول عليه “[١١].
وقال ابن كثير :”وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده: حدثنا زهير حدثنا ابـن أبي بكير، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن خليفة، عن عمر-رضي الله عنه- قال:” أتـت امـرأة إلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم-،فقالت: ادع الله أن يدخلني الجنة، قال فعظم الرب تبارك وتعالى، وقـال إن كرسيه وسع السموات والأرض، وإن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد من ثقله، وقد رواه الحافظ البـزار في مسنده المشهور، وعبد بن حميد وابن جرير في تفسيريهما، والطبراني وابن أبي عاصم في كتابي السـنة لهما، والحافظ الضياء في كتابه الأحاديث المختارة من حديث أبي إسحاق السبيعي، عن عبد الله بن خليفة، وليس بذاك المشهور وفي سماعه من عمر نظر ثم منهم من يرويه عنه موقوفا، ومنهم من يرويه عنه مرسلا ومنهم من يزيد في متنه زيادة غريبة، ومنهم من يحذفها”[1٢].
وقد أعله بالغرابة[١٣].
وقال البزار :”هذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ عن النبي-صلى الله عليه وسلم إلا عن عمر عنه،ثم اشار للاضطراب في سنده[١٤].
وقال الذهبي:”ثم لفظ الأطيط لم يأت به نص ثابت”[١٥].
وقال ابن خزيمة:”ﻋَﻦْ ﻋُﻤَﺮَ – ﺃَﻥَّ اﻣْﺮَﺃَﺓً ﺃَﺗَﺖِ اﻟﻨَّﺒِﻲَّ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻓَﻘَﺎﻟَﺖِ: اﺩْﻉُ اﻟﻠَّﻪَ ﺃَﻥْ ﻳُﺪْﺧِﻠَﻨِﻲ اﻟْﺠَﻨَّﺔَ، ﻓَﻌَﻈَّﻢَ اﻟﺮَّﺏَّ ﺟَﻞَّ ﺫِﻛْﺮُﻩُ، ﻓَﻘَﺎﻝَ:”ﺇِﻥَّ ﻛُﺮْﺳِﻴَّﻪُ ﻭَﺳِﻊَ اﻟﺴَّﻤَﺎﻭَاﺕِ ﻭَاﻷَْﺭْﺽَ، ﻭَﺇِﻥَّ ﻟَﻪُ ﺃَﻃِﻴﻄًﺎ ﻛَﺄَﻃِﻴﻂِ اﻟﺮَّﺣْﻞِ اﻟْﺠَﺪِﻳﺪِ ﺇِﺫْ ﺭُﻛِﺐَ ﻣِﻦْ ﺛُﻘْﻠِﻪ”، ﺣَﺪَّﺛَﻨَﺎ ﻳَﻌْﻘُﻮﺏُ ﺑْﻦُ ﺇِﺑْﺮَاﻫِﻴﻢَ اﻟﺪَّﻭْﺭَﻗِﻲُّ، ﻗَﺎﻝَ: ﺛﻨﺎ ﻳَﺤْﻴَﻰ ﺑْﻦُ ﺃَﺑِﻲ ﺑُﻜَﻴْﺮٍ، ﻗَﺎﻝَ: ﺛﻨﺎ ﺇِﺳْﺮَاﺋِﻴﻞُ، ﻗَﺎﻝَ ﺃَﺑُﻮ ﺑَﻜْﺮٍ: ﻣَﺎ ﺃَﺩْﺭِﻱ اﻟﺸَّﻚَّ ﻭَاﻟﻈَّﻦَّ ﺃَﻧَّﻪُ ﻋَﻦْ ﻋُﻤَﺮَ، ﻫُﻮَ ﻣِﻦْ ﻳَﺤْﻴَﻰ ﺑْﻦِ ﺃَﺑِﻲ ﺑُﻜَﻴْﺮٍ، ﺃَﻡْ ﻣِﻦْ ﺇِﺳْﺮَاﺋِﻴﻞَ ﻗَﺪْ ﺭَﻭَاﻩُ ﻭَﻛِﻴﻊُ ﺑْﻦُ اﻟْﺠَﺮَّاﺡِ، ﻋَﻦْ ﺇِﺳْﺮَاﺋِﻴﻞَ، ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻲ ﺇِﺳْﺤَﺎﻕَ، ﻋَﻦْ ﻋَﺒْﺪِ اﻟﻠَّﻪِ ﺑْﻦِ ﺧﻠﻴﻔﺔ، ﻣُﺮْﺳَﻼً ﻟَﻴْﺲَ ﻓِﻴﻪِ ﺫِﻛْﺮُ ﻋُﻤَﺮَ، ﻻَ ﺑِﻴَﻘِﻴﻦٍ، ﻭَﻻَ ﻇَﻦٍّ، ﻭَﻟَﻴْﺲَ ﻫَﺬَا اﻟْﺨَﺒَﺮُ ﻣِﻦْ ﺷَﺮْﻃِﻨَﺎ، ﻷَِﻧَّﻪُ ﻏَﻴْﺮُ ﻣُﺘَّﺼِﻞِ اﻹِْﺳْﻨَﺎﺩِ، ﻟَﺴْﻨَﺎ ﻧَﺤْﺘَﺞُّ ﻓِﻲ ﻫَﺬَا اﻟْﺠِﻨْﺲِ ﻣِﻦَ اﻟْﻌِﻠْﻢِ ﺑِﺎﻟْﻤَﺮَاﺳِﻴﻞِ اﻟْﻤُﻨْﻘَطَعَات”[١٦].

فالحديث ضعيف منكر، والضعيف لا يحتج به في العقائد أبداً، فقد نص شيخ الإسلام النووي على أن العلماء قالوا هذا[١٧].

-لطيفة:
-قال ابن القيم:”وذكر عبد الرزاق عن معمر عن ابن المسيب عن أبي هريرة رضـي الله عنـه عـن النبـي قـال : إن الله عـز وجـل ينـزل إلـى سـماء الـدنيا ولـه فـي كـل سـماء كرسـي فـإذا نــزل إلـى ســماء الـدنيا جلـس علـى كرســيه ثـم يقــول : مـن ذا الــذي يقرض غير عديم ولا ظلوم ، من ذا الذي يستغفرني فأغفرله ، من ذا الذي يتوب فأتوب عليه ، فإذا كان عند الصبح ارتفع فجلس علـى كرسـيه”[١٨].
فالعرش غير الكرسي، والله تعالى في هذا الحديث يجلس على الكرسي، وليس على العرش، وفي هذا الحديث الذي أورده ابن القيم، أن لله تعالى في كل سماء كرسي، فنحن نسأل:
بما أنها سبع[أعني: السموات]، وله في كل سماء كرسي، فمعناه أن لله تعالى سبعه كراسي، فأين الكرسي الذي يجلس عليه الله(؟!)، في أي سماء(؟!).
-فهذا لا يخلو من أمرين:
-الأول: إما أنه تحت العرش، فيكون جالساً على الكرسي الذي في السماء السابعة، وذاته مساوية لذات سيدنا إبراهيم-عليه السلام-.
أو في السماء السادسة، فتكون ذاته مساوية لذات سيدنا موسى-عليه السلام-.
أو في السماء الخامسة، فتكون ذاته مساوية لذات سيدنا هارون-عليه السلام-.
أو في السماء الرابعة، فتكون ذاته مساوية لذات سيدنا إدريس-عليه السلام-.
أو في السماء الثالثة، فتكون ذاته مساوية لذات سيدنا يوسف-عليه السلام-.
أو في السماء الثانية، فتكون ذاته مساوية لذات سيدنا عيسى ابن مريم ، وذات سيدنا يحيى بن زكريا،-عليهما السلام-.
أو في السماء الأولى، فتكون ذاته مساوية لذات سيدنا آدم-عليه السلام-.
-الثاني: وإما أن يكون المراد بالكرسي العرش.

فإن كان الأول، فهو باطل قطعاً، فإن كان في السماء السابعة، فليزم منه أنه تحت العرش، وأن ذاته مساوية لذات سيدنا إبراهيم، وهذا كفر.
وإن كان في السماء السادسة، فليزم منه أنه تحت العرش، وتحت ذات سيدنا إبراهيم، فيكون سيدنا إبراهيم المخلوق أشرف منه وأرفع، فيبطل قولهم أن علو المكان من الكمال.
ويلزم منه أيضاً أن ذاته مساوية لذات سيدنا موسى-عليه السلام-. وهكذا(…….).
وقائل هذا الكلام لا يشك مسلم في كفره بتاتاً.

وإن كان الثاني، فمعناه أن الله ليس جالساً على العرش، وإنما هو قائم(!)، لأن الكرسي موضع قدميه-عند الحشوية-[١٩].

-وزد على هذا أن الكرسي بالنسبة للعرش، كحلقة ملقاة فعن أبي ذر-رضي الله عنه-أن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال:”ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة”[٢٠].

-[دفـع شُـبْهـات]:
هذه مسألة كغيرها من المسائل، قابلة للأخذ والرد، ومن أبرز الشبهات التي قد يطرحها الخصم، هي:

-الشبهة الأولى:
أن أبا جعفر الطبري-رحمه الله تعالى-قد أورد هذا الحديث في تفسيره، فقال:”ولكل قول من هذه الأقوال وجه ومذهب،غير أن الذي هو أولى بتأويل الآية ما جاء به الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ما:
حدثني به عبد الله بن أبي زياد القطواني، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن خليفة، قال: أتت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: ادع الله أن يدخلني الجنة! فعظم الرب تعالى ذكره، ثم قال: إن كرسيه وسع السموات والأرض، وإنه ليقعد عليه فما يفضل منه مقدار أربع أصابع[٢١]- ثم قال بأصابعه فجمعها – وإن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد، إذا ركب، من ثقله”.

-أقول:
-أولاً:
العلماء يروون ما عندهم بأسانيدهم ويجعلون العهدة على رجال الأسانيد، وهذا مشهور عن العلماء.
قال الطبري-رحمه الله-وليعلم الناظر في كتابنا هذا أن اعتمادي في كل ما أحضرت ذكره فيه مما شرطت أني راسمه فيه، إنما هو على ما رويت من الأخبار التي أنا ذاكره فيه، والآثار التي أنا مسندها إلى رواتها فيه، دون ما أدرك بحجج العقول، واستنبط بفكر النفوس، إلا اليسير القليل منه، إذ كان العلم بما كان من أخبار الماضين، وما هو كائن من أنباء الحادثين، غير واصل إلى من لم يشاهدهم ولم يدرك زمانهم، إلا بإخبار المخبرين، ونقل الناقلين، دون الاستخراج بالعقول، والاستنباط بفكر النفوس، فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه ، أو يستشنعه سامعه، من أجل أنه لم يعرف له وجها في الصحة، ولا معنى في الحقيقة، فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قبلنا، وإنما أُتي من قِبل بعض ناقليه إلينا، وإنما أدينا ذلك على نحو ما أدِّي إلينا”[٢٢].

وما أخرجه الطبري لا يصح البتة.
-فأما عبيد الله بن موسى، فهو متكلم فيه، قال الحافظ ابن حجر:” ﻗﺎﻝ اﻟﻤﻴﻤﻮﻧﻲ: ﺫﻛﺮ ﻋﻨﺪ ﺃﺣﻤﺪ ﻋﺒﻴﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﻓﺮﺃﻳﺘﻪ ﻛﺎﻟﻤﻨﻜﺮ ﻟﻪ، ﻭﻗﺎﻝ: ﻛﺎﻥ ﺻﺎﺣﺐ ﺗﺨﻠﻴﻂ، ﻭﺣﺪﺙ ﺑﺄﺣﺎﺩﻳﺚ ﺳﻮء، ﻗﻴﻞ ﻟﻪ: ﻓﺎﺑﻦ ﻓﻀﻴﻞ، ﻗﺎﻝ: ﻛﺎﻥ ﺃﺳﺘﺮ ﻣﻨﻪ، ﻭﺃﻣﺎ ﻫﻮ ﻓﺄﺧﺮﺝ ﺗﻠﻚ اﻷﺣﺎﺩﻳﺚ اﻟﺮﺩﻳﺔ، ﻭﻗﺎﻝ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ: ﺳﺄﻟﺖ ﺑﻦ ﻣﻌﻴﻦ ﻋﻨﻪ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﻛﺘﺐ ﻋﻨﻪ، ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺧﻴﺜﻤﺔ ﻋﻦ ﺑﻦ ﻣﻌﻴﻦ: ﺛﻘﺔ، ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﺗﻢ: ﺻﺪﻭﻕ ﺛﻘﺔ ﺣﺴﻦ اﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻭﺃﺑﻮ ﻧﻌﻴﻢ ﺃﺗﻘﻦ ﻣﻨﻪ ﻭﺃﺑﻮ ﻋﺒﻴﺪ اﻟﻠﻪ ﺃﺛﺒﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﺇﺳﺮاﺋﻴﻞ، ﻛﺎﻥ ﻳﺄﺗﻴﻪ ﻓﻴﻘﺮﺃ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻘﺮﺁﻥ. ﻭﻗﺎﻝ اﻟﻌﺠﻠﻲ: ﺛﻘﺔ ﻭﻛﺎﻥ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﺭﺃﺳﺎ ﻓﻴﻪ، ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎ: ﻣﺎ ﺭﺃﻳﺘﻪ ﺭاﻓﻌﺎ ﺭﺃﺳﻪ ،ﻭﻣﺎ ﺭﺅﻯ ﺿﺎﺣﻜﺎ ﻗﻂ، ﻭﻗﺎﻝ اﻵﺟﺮﻱ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺩاﻭﺩ ﻛﺎﻥ: ﻣﺤﺘﺮﻓﺎ ﺳﻤﻌﻴﺎ ﺟﺎﺯ ﺣﺪﻳﺜﻪ، ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﺗﻢ ﺳﻤﻌﺖ ﻣﻨﻪ ﺳﻨﺔ(13)، ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ: ﻣﺎﺕ ﻓﻲ ﺫﻱ اﻟﻘﻌﺪﺓ ﺳﻨﺔ ﺛﻼﺙ ﻋﺸﺮﺓ ﻭﻣﺎﺋﺘﻴﻦ، ﻭﻛﺬا ﺃﺭﺧﻪ ﻏﻴﺮﻩ، ﻭﻗﺎﻝ ﻳﻌﻘﻮﺏ ﺑﻦ ﺷﻴﺒﺔ: ﻣﺎﺕ ﺳﻨﺔ(14).ﻗﻠﺖ: ﻭﺫﻛﺮ اﻟﻘﺮاﺏ ﺃﻧﻪ ﻭﻟﺪ ﺳﻨﺔ(128)، ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻦ ﻋﺪﻱ: ﺛﻘﺔ، ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﻗﺮﺃ ﻋﻠﻰ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻭﻋﻠﻰ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ ﻭﻛﺎﻥ ﺛﻘﺔ ﺻﺪﻭﻗﺎ ﺇﻥ ﺷﺎء اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻛﺜﻴﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺣﺴﻦ اﻟﻬﻴﺌﺔ ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺘﺸﻴﻊ ﻭﻳﺮﻭﻱ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﻓﻲ اﻟﺘﺸﻴﻊ ﻣﻨﻜﺮﺓ، ﻭﺿﻌﻒ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺱ ﻭﻛﺎﻥ ﺻﺎﺣﺐ ﻗﺮﺁﻥ، ﻭﺫﻛﺮﻩ ﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﺕ، ﻭﻗﺎﻝ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﺸﻴﻊ، ﻭﻗﺎﻝ: ﻳﻌﻘﻮﺏ ﺑﻦ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﺷﻴﻌﻲ، ﻭﺇﻥ ﻗﺎﻝ ﻗﺎﺋﻞ ﺭاﻓﻀﻲ ﻟﻢ ﺃﻧﻜﺮ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻫﻮ ﻣﻨﻜﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻭﻗﺎﻝ اﻟﺠﻮﺯﺟﺎﻧﻲ: ﻭﻋﺒﻴﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﺃﻏﻠﻰ ﻭﺃﺳﻮﺃ ﻣﺬﻫﺒﺎ ﻭﺃﺭﻭﻯ ﻟﻠﻌﺠﺎﺋﺐ. ﻭﻗﺎﻝ اﻟﺤﺎﻛﻢ: ﺳﻤﻌﺖ ﻗﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻗﺎﺳﻢ اﻟﺴﻴﺎﺭﻱ ﺳﻤﻌﺖ ﺃﺑﺎ ﻣﺴﻠﻢ اﻟﺒﻐﺪاﺩﻱ اﻟﺤﺎﻓﻆ ﻳﻘﻮﻝ: ﻋﺒﻴﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﻣﻦ اﻟﻤﺘﺮﻭﻛﻴﻦ ﺗﺮﻛﻪ ﺃﺣﻤﺪ ﻟﺘﺸﻴﻌﻪ، ﻭﻗﺪ ﻋﻮﺗﺐ ﻋﻦ ﺭﻭاﻳﺘﻪ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺯاﻕ، ﻓﺬﻛﺮ اﻥ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺯاﻕ ﺭﺟﻊ، ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻦ ﺷﺎﻫﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﺕ: ﻗﺎﻝ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ: ﺻﺪﻭﻕ ﺛﻘﺔ ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻀﻄﺮﺏ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺳﻔﻴﺎﻥ اﺿﻄﺮاﺑﺎ ﻗﺒﻴﺤﺎ. ﻭﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻋﺪﻱ: ﻗﺎﻝ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ: ﻋﻨﺪﻩ ﺟﺎﻣﻊ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﻭﻳﺴﺘﺼﻐﺮ ﻓﻴﻪ، ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺜﻤﺎﻥ اﻟﺪاﺭﻣﻲ ﻋﻦ ﺑﻦ ﻣﻌﻴﻦ ﺛﻘﺔ: ﻣﺎ ﺃﻗﺮﺑﻪ ﻣﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻳﻤﺎﻥ ﻭﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻳﻤﺎﻥ ﺃﺭﺟﻮ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺻﺪﻭﻗﺎ ﻭﻟﻴﺲ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﺑﺎﻟﻘﻮﻱ ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻦ ﻗﺎﻧﻊ ﻛﻮﻓﻲ ﺻﺎﻟﺢ ﻳﺘﺸﻴﻊ ﻭﻗﺎﻝ اﻟﺴﺎﺟﻲ ﺻﺪﻭﻕ ﻛﺎﻥ ﻳﻔﺮﻁ ﻓﻲ اﻟﺘﺸﻴﻊ. ﻗﺎﻝ ﺃﺣﻤﺪ: ﺭﻭﻯ ﻣﻨﺎﻛﻴﺮ ﻭﻗﺪ ﺭﺃﻳﺘﻪ ﺑﻤﻜﺔ ﻓﺎﻋﺮﺿﺖ ﻋﻨﻪ ﻭﻗﺪ ﺳﻤﻌﺖ ﻣﻨﻪ ﻗﺪﻳﻤﺎ ﺳﻨﺔ(85). ﻭﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻋﺘﺒﻮا ﻋﻠﻴﻪ ﺗﺮﻙ اﻟﺠﻤﻌﺔ”[٢٣].

وأما إسرائيل ففي روايته عن أبي إسحاق لين.
قال ابن حجر:”ﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻣﻬﺪﻱ ﻋﻦ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﻳﻮﻧﺲ: “ﻗﺎﻝ ﻟﻲ ﺇﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻛﻨﺖ ﺃﺣﻔﻆ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﺑﻲ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﻛﻤﺎ ﺃﺣﻔﻆ اﻟﺴﻮﺭﺓ ﻣﻦ اﻟﻘﺮﺁﻥ”، ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺑﻦ اﻟﻤﺪﻳﻨﻲ ﻋﻦ ﻳﺤﻴﻰ اﻟﻘﻄﺎﻥ: “ﺇﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻓﻮﻕ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﻋﻴﺎﺵ” ﻭﻗﺎﻝ ﺣﺮﺏ ﻋﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ: “ﻛﺎﻥ ﺷﻴﺨﻨﺎ ﺛﻘﺔ ﻭﺟﻌﻞ ﻳﺘﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﺣﻔﻈﻪ” ﻭﻗﺎﻝ ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ: “ﺇﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﻓﻴﻪ ﻟﻴﻦ ﺳﻤﻊ ﻣﻨﻪ ﺑﺂﺧﺮﺓ” ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ ﺳﺌﻞ ﺃﺣﻤﺪ ﺃﻳﻤﺎ ﺃﺛﺒﺖ ﺷﺮﻳﻚ ﺃﻭ ﺇﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻗﺎﻝ: “ﺇﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻛﺎﻥ ﻳﺆﺩﻱ ﻣﺎ ﺳﻤﻊ ﻛﺎﻥ ﺃﺛﺒﺖ ﻣﻦ ﺷﺮﻳﻚ”, ﻗﻠﺖ: ﻣﻦ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻴﻚ ﻳﻮﻧﺲ ﺃﻭ ﺇﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻓﻲ ﺃﺑﻲ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﻗﺎﻝ: “ﺇﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻷﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺻﺎﺣﺐ ﻛﺘﺎﺏ”. ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ ﻗﻠﺖ ﻷﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ﺇﺳﺮاﺋﻴﻞ ﺇﺫا اﻧﻔﺮﺩ ﺑﺤﺪﻳﺚ ﻳﺤﺘﺞ ﺑﻪ ﻗﺎﻝ: “ﺇﺳﺮاﺋﻴﻞ ﺛﺒﺖ اﻟﺤﺪﻳﺚ” ﻛﺎﻥ ﻳﺤﻴﻰ ﻳﻌﻨﻲ اﻟﻘﻄﺎﻥ ﻳﺤﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﺃﺑﻲ ﻳﺤﻴﻰ اﻟﻘﺘﺎﺕ ﻭﻗﺎﻝ: “ﺭﻭﻯ ﻋﻨﻪ ﻣﻨﺎﻛﻴﺮ” ﻗﺎﻝ ﺃﺣﻤﺪ: “ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﻋﻨﻪ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﺸﻲء” ﻭﻗﺎﻝ اﻟﺪﻭﺭﻱ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻣﻌﻴﻦ ﺳﺌﻞ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻣﻌﻴﻦ ﻋﻦ ﺇﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻓﻘﺎﻝ: “ﻗﺎﻝ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﻛﻨﺎ ﻧﻜﺘﺐ ﻋﻨﺪﻩ ﻣﻦ ﺣﻔﻈﻪ”. ﻗﺎﻝ ﻳﺤﻴﻰ: “ﻛﺎﻥ ﺇﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻻ ﻳﺤﻔﻆ ﺛﻢ ﺣﻔﻆ ﺑﻌﺪ”. ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎ: “ﺇﺳﺮاﺋﻴﻞ ﺃﺛﺒﺖ ﻓﻲ ﺃﺑﻲ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﻣﻦ ﺷﻴﺒﺎﻥ” ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎ: “ﺇﺳﺮاﺋﻴﻞ ﺃﺛﺒﺖ ﺣﺪﻳﺜﺎ ﻣﻦ ﺷﺮﻳﻚ” ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﺗﻢ: “ﺛﻘﺔ ﺻﺪﻭﻕ ﻣﻦ ﺃﺗﻘﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺃﺑﻲ ﺇﺳﺤﺎﻕ” ﻭﻗﺎﻝ اﻟﻌﺠﻠﻲ:”ﻛﻮﻓﻲ ﺛﻘﺔ” ﻭﻗﺎﻝ ﻳﻌﻘﻮﺏ ﺑﻦ ﺷﻴﺒﺔ: “ﺻﺎﻟﺢ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﻓﻲ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻟﻴﻦ” ﻭﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ: “ﺛﻘﺔ ﺻﺪﻭﻕ ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﺎﻟﻘﻮﻱ ﻭﻻ ﺑﺎﻟﺴﺎﻗﻂ”.
ثم قال:”ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﻬﺪﻱ: “ﺇﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻟﺺ ﻳﺴﺮﻕ اﻟﺤﺪﻳﺚ”[٢٤].

وأما عبد الله بن خليفة، فهو مجهول كما تقدم.

-ثانياً:
الطبري-رحمه الله-قد بين مذهبه في الكرسي،فقد قال بعد أن أخرج حديث الأطيط:”وَأَمَّا الَّذِي يَدُلُّ عَلَى صِـحَّـتِـهِ ظَاھَرُ الْقُرْآنِ فَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي رَوَاهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي الْمُغِیرَةِ عَنْ سَعِیدِ بْنِ جُبَیْرٍ، عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ:
ھُوَ عِلْمُهُ، وَذَلِكَ لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا} عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَئُودُهُ حِفْظُ مَا عَلِمَ، وَأَحَاطَ بِهِ مِمَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَكَمَا أَخْبَرَ عَنْ مَلَائِكَتِهِ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي دُعَائِهِمْ: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} [غاففَأَخْبَرَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّ عِلْمَهُ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَسِعَ كُرْسِیُّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ} ، وَأَصْلُ الْكُرْسِيِّ: الْعِلْمُ، وَمِنْهُ قِیلِ لِلصَّحِیفَةِ يَكُونُ فِیهَا عِلْمٌ مَكْتُوبٌ كَرَّاسَةٌ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزُ فِي صِفَةِ قَانِصٍ:
حَتَّى إِذَا مَا احْتَازَھَا تَكَرَّسَا
يَعْنِي عَلِمَ، وَمِنْهُ يُقَالُ لِلْعُلَمَاءِ: الْكَرَاسِيُّ؛ لِأَنَّهُمُ الْمُعْتَمَدُ عَلَیْهِمْ، كَمَا يُقَالُ: أَوْتَادُ الْأَرْضِ، يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُمُ الْعُلَمَاءُ الَّذِينَ تَصْلُحُ بِهِمُ الْأَرْضُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
يَحُفُّ بِهِمْ بِیضُ الْوُجُوهِ وَعُصْبَةٌ … كَرَاسِيُّ بِالْأَحْدَاثِ حِینَ تَنُوبُ
يَعْنِي بِذَلِكَ عُلَمَاءَ بِحَوَادِثِ الْأُمُورِ وَنَوَازِلِهَا، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي أَصْلَ كُلِّ شَيْءٍ الْكِرْسَ، يُقَالُ مِنْهُ: فُلَانٌ كَرِيمُ الْكِرْسِ: أَيْ كَرِيمُ الْأَصْلِ، قَالَ
الْعَجَّاجُ:
قَدْ عَلِمَ الْقُدُّوسُ مَوْلَى الْقُدْسِ … أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ أَوْلَى نَفْسِ
بِمَعْدِنِ الْمُلْكِ الْكَرِيمِ الْكِرْسِ يَعْنِي بِذَلِكَ الْكَرِيمَ الْأَصْلِ، وَيُرْوَى: فِي مَعْدِنِ الْعِزِّ الْكَرِيمِ الْكِرْس”.

-ثالثاً:
الطبري-رحمه الله- كان يقول:”سبحان من ليس له أنيس…ولا له في عرشه جليس”[٢٥].
ففي هذا بيان أنه كان يعتقد بأنه تعالى ليس مادة، وليس جالساً على عرشه.
ويدلك هذا على أن مجرد الرواية، لا تعني قبول المضمون، فالعهدة على الراوي، على قاعدة:“من أسند فقد أحال“.
وزد على هذا أنه قال:”وحسب امرئ أن يعلم أن ربه هو الذي على العرش استوى، فمن تجاوز ذلك فقد خاب وخسر”[٢٦].
والاستواء-عند الحشوية-هو الجلوس، ولا يكون غيره، والقول بأن الله استوى على العرش، أي جلس عليه، هو تجاوز للاستواء، وهو ينكر التجاوز عليه.
فإن كان يقول بأن من تجاوز قوله تعالى{ الرحمن على العرش استوى}،وقال بأن الاستواء هو الجلوس، ونحو ذلك، فكيف يصح أن يقال: أن الطبري قال بجلوس الله على العرش(!!؟).
سبحان الله…كيف يشهد على نفسه بالخيبة والخسرن، إن كان قائلاً بذلك(! !).

فيتبين لك-أخي القارئ-أن مجرد رواية خبر ما، لا تعني القبول بمحتواه البتة.

-الشبهة الثانية:
أما الثانية، فهي أن الذهبي-رحمه الله-قال في العرش[٢٧]:”فإذا كان هؤلاء الأئمة: أبو إسحاق السبيعي، والثوري، والأعمش، وإسرائيل، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو أحمد الزبيري، ووكيع، وأحمد بن حنبل، وغيرهم ممن يطول ذكرهم وعددهم الذين هم سُرُج الهدى ومصابيح الدجى قد تلقوا هذا الحديث بالقبول وحدّثوا به، ولم ينكروه، ولم يطعنوا في إسناده، فمن نحن حتى ننكره ونتحذلق عليهم؟، بل نؤمن به ونكل علمه إلى الله عز وجل.
قال الإمام أحمد: “لا نزيل عن ربنا صفةً من صفاته لشناعة شُنِّعت وإن نَبَت عن الأسماع”.
فانظر إلى وكيع بن الجراح الذي خَلَفَ سفيان الثوري في علمه وفضله، وكان يشبَّه به في سمته وهديه، كيف أنكر على ذلك الرجل، وغضب لما رآه قد تلون لهذا الحديث”.

-أقول:
وهذا لا وزن له عندنا، فكتب الذهبي التي صنفها في بداية شبابه لا قيمة لها، فقد كان متأثراً بابن تيمية،فسطر ما كان يعتقده هو، وانتصر لأراء ابن تيمية وأفكاره، ثم رجع عنه وخالفه، في كتبه التي صنفها آخر حياته(!!).
ثم إن كلام الذهبي-هذا-يدل على أن السلف الصالح كانوا مفوضة(!!)، ويدلك على هذا نصه الواضح الصريح:“بل نؤمن به ونكل علمه إلى الله عز وجل“.
والتفويض عند ابن تيمية من شر أقوال أهل البدع والإلحاد[٢٨].
ثم إن الذهبي في العلو قال أن لفظ الاطيط لم يأت به نص ثابت-كما تقدم-، فكيف يقر السلف بشيء ليس ثابتاً أصلاً(!؟).
وزد على هذا أن الذهبي قد كفر من قال بأن الله يجلس على العرش[٢٩].
وكتاب العرش من أوائل كتبه التي صنفها بداية شبابه، فلو صح أن يقال: أنه-رحمه الله-مات وهو يعتقد بما سطر فيها، لكفر نفسه، ولكفر السلف والمسلمين معه(!).

-الشبهة الثالثة:
وهي أن الضياء المقدسي رواه في الأحاديث المختارة، وحسنه[٣٠].

-أقول:
الضياء المقدسي لم يبلغ شأن ابن عساكر،علما وفهماً وشهرة ودقة، بدليل أن عبد الغني المقدسي شيخ ضياء الدين ندم لعدم سماعه منه.
فقد قال الذهبي-رحمه الله- في السير:”وبلغنا أن الحافظ عبد الغني المقدسي بعد موت ابن عساكر نفذ من استعار له شيئا من تاريخ دمشق، فلما طالعه انبهر لسعة حفظ ابن عساكر، ويقال: ندم على تفويت السماع منه”.
وابن عساكر-رحمه الله تعالى-قد رد حديث الاطيط في جزء سماه:“تبيان الوهم والتخليط من حديث الأطيط“، وهو مفقود.

-الشبهة الرابعة:
وهي أن عبد الله بن أحمد قال:”ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺃﺑﻲ، ﻧﺎ ﻭﻛﻴﻊ، ﺑﺤﺪﻳﺚ ﺇﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺇﺳﺤﺎﻕ، ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ، ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ:”ﺇﺫا ﺟﻠﺲ اﻟﺮﺏ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺮﺳﻲ”،ﻓﺎﻗﺸﻌﺮ ﺭﺟﻞ ﺳﻤﺎﻩ ﺃﺑﻲ ﻋﻨﺪ ﻭﻛﻴﻊ ﻓﻐﻀﺐ ﻭﻛﻴﻊ ﻭﻗﺎﻝ: ﺃﺩﺭﻛﻨﺎ اﻷﻋﻤﺶ ﻭﺳﻔﻴﺎﻥ ﻳﺤﺪﺛﻮﻥ ﺑﻬﺬﻩ اﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﻻ ﻳﻨﻜﺮﻭﻧﻬﺎ”[٣١].

-أقول:
وهذا لا يصح،فالكتاب لا يثبت عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، ففيه مجهولان،وهما:
-أبو نصر محمد بن الحسن بن سليمان السمسار.
-أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن خالد الهروي.
وكما هو معلوم أن رواية المجهول مردودة.

-فإن قيل:
فقد روى الخطيب البغدادي في تاريخه، عن أبي بكر الصيدلاني: حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج أبو بكر المروذي، قال: حدثنا الحسين بن شبيب الآجري، قال: أخبرنا أبو حمزة الأسلمي -أو الأسلي-، بطرسوس، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا أبي وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن خليفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الكرسي الذي يجلس عليه الرب عز وجل ما يفضل منه إلا قدر أربع أصابع، وإن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد”.

-أجيب:
بأن الحسين بن شبيب الآجري مجهول الحال(!)، فلا يثبت.

-الخلاصة:
أن هذا الحديث لا يثبت البتة، ولا يُستدل به في العقائد، وأما تلك الشبهات التي تمسك بها الحشوية، فإنما هي أمور عبثية قبيحة.

* * *
والحمد لله رب العالمين.
كتبه العبد الفقير إلى الله القدير:
مُحَمَّــد بِنُ قَــايِــد بِنُ مُحــسن الْشَّافِــعَي.
(١٤٤٢/٢/٢١هـ).

ــــــــــــــــــــ
المصادر والمراجع:

[١]|وهذا الكتاب لا تصح نسبته إليه.
[2]|[السنة(٣٠١)].
[٣]|[مجموع الفتاوى(٥/٥٢٧)].
[٤]|[العلو(١٠٣٤)].
[٥]|[العرش(٢/١٥٥)].
[٦]|[الثقات(٥/٢٨)].
[٧]|[الميزان(٢/٤١٤)].
[٨]|[البداية والنهاية(١/١١)].
[٩]|[تقريب التهذيب(١/٤٢٣)].
[١٠]|[دفع شبه التشبيه].
[١١]|[العلل المتناهية في الأحاديث الواهية(١/٢١)].
[١٢]|[تفسير ابن كثير(١/٣١١)].
[١٣]|[مسند عمر(٢/٥٦٩)].
[١٤]|[البحر الزخار(١/٤٥٨)].
[١٥]|[العلو(٤١٥)].
[١٦]|[التوحيد(١/٢٤٤)].
[١٧]|[مقدمة المجموع (١/٩٧)].
[١٨]|[اجتماع الجيوش الإسلامية].
[١٩]|فقد قال صاحب[الرد على المريسي(١/٤٢٣)]:”ﺣَﺪَّﺛَﻨَﺎ ﻳَﺤْﻴَﻰ اﻟْﺤِﻤَّﺎﻧِﻲُّ ﻭَﺃَﺑُﻮ ﺑَﻜْﺮٍ ﻗَﺎﻻَ: ﺛَﻨَﺎ ﻭَﻛِﻴﻊٌ، ﻋَﻦْ ﺳُﻔْﻴَﺎﻥَ، ﻋَﻦْ ﻋَﻤَّﺎﺭٍ اﻟﺪُّﻫْﻨِﻲِّ، ﻋَﻦْ ﻣُﺴْﻠِﻢٍ اﻟْﺒَﻄِﻴﻦِ، ﻋَﻦْ ﺳَﻌِﻴﺪِ ﺑْﻦِ ﺟُﺒَﻴْﺮٍ، ﻋَﻦِ اﺑْﻦِ ﻋَﺒَّﺎﺱٍ ﺭَﺿِﻲَ اﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻨْﻬُﻤَﺎ ﻗَﺎﻝَ: “اﻟْﻜُﺮْﺳِﻲُّ ﻣﻮﺿﻊ اﻟْﻘَﺪَﻣَﻴْﻦِ ﻭَاﻟْﻌَﺮْﺵُ ﻻَ ﻳُﻘَﺪِّﺭُ ﻗَﺪْﺭَﻩُ ﺇِﻻَّ اﻟﻠَّﻪُ”.
[٢٠]|[الأسماء والصفات(٢/٣٠٠)].
[٢١]|قال ابن تيمية معترضاً على هذا:”ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﻤﺸﻬﻮﺭ اﻟﺬﻱ ﻳﺮﻭﻯ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻗﺪ ﺭﻭاﻩ ﺃﺑﻮ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻮاﺣﺪ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ ﻓﻲ “ﻣﺨﺘﺎﺭﻩ”. ﻭﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺗﺮﺩﻩ ﻻﺿﻄﺮاﺑﻪ، ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ اﻹﺳﻤﺎﻋﻴﻠﻲ، ﻭاﺑﻦ اﻟﺠﻮﺯﻱ، ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ. ﻟﻜﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﺃﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ ﻗﺒﻠﻮﻩ. ﻭﻓﻴﻪ ﻗﺎﻝ “ﺇﻥ ﻋﺮﺷﻪ” ﺃﻭ “ﻛﺮﺳﻴﻪ” “ﻭﺳﻊ اﻟﺴﻤﻮاﺕ ﻭاﻷﺭﺽ، ﻭﺇﻧﻪ ﻳﺠﻠﺲ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻤﺎ ﻳﻔﻀﻞ ﻣﻨﻪ ﻗﺪﺭ ﺃﺭﺑﻊ ﺃﺻﺎﺑﻊ” ﺃﻭ “ﻓﻤﺎ ﻳﻔﻀﻞ ﻣﻨﻪ ﺇﻻ ﻗﺪﺭ ﺃﺭﺑﻊ ﺃﺻﺎﺑﻊ” “ﻭﺇﻧﻪ ﻟﻴﺌﻂ ﺑﻪ ﺃﻃﻴﻂ اﻟﺮﺣﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﺑﺮاﻛﺒﻪ”.ﻭﻟﻔﻆ (اﻷﻃﻴﻂ) ﻗﺪ ﺟﺎء ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺟﺒﻴﺮ ﺑﻦ ﻣﻄﻌﻢ. اﻟﺬﻱ ﺭﻭاﻩ ﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻦ. ﻭاﺑﻦ ﻋﺴﺎﻛﺮ ﻋﻤﻞ ﻓﻴﻪ ﺟﺰءا، ﻭﺟﻌﻞ ﻋﻤﺪﺓ اﻟﻄﻌﻦ ﻓﻲ اﺑﻦ ﺇﺳﺤﺎﻕ. ﻭاﻟﺤﺪﻳﺚ ﻗﺪ ﺭﻭاﻩ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺴﻨﺔ ﻛﺄﺣﻤﺪ، ﻭﺃﺑﻲ ﺩاﻭﺩ، ﻭﻏﻴﺮﻫﻤﺎ، ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﺇﻻ ﻣﺎ ﻟﻪ ﺷﺎﻫﺪ ﻣﻦ ﺭﻭاﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ. ﻭﻟﻔﻆ “اﻷﻃﻴﻂ” ﻗﺪ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻏﻴﺮﻩ. ﻭﺣﺪﻳﺚ اﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺭﻭاﻩ اﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻣﺨﺘﺼﺮا، ﻭﺫﻛﺮ ﺃﻧﻪ ﺣﺪﺙ ﺑﻪ ﻭﻛﻴﻊ. ﻟﻜﻦ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻤﻦ ﺭﻭاﻩ ﺭﻭﻭﻩ ﺑﻘﻮﻟﻪ: “ﺇﻧﻪ ﻣﺎ ﻳﻔﻀﻞ ﻣﻨﻪ ﺇﻻ ﺃﺭﺑﻊ ﺃﺻﺎﺑﻊ”، ﻓﺠﻌﻞ اﻟﻌﺮﺵ ﻳﻔﻀﻞ ﻣﻨﻪ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﺻﺎﺑﻊ. ﻭاﻋﺘﻘﺪ اﻟﻘﺎﺿﻲ، ﻭاﺑﻦ اﻟﺰاﻏﻮﻧﻲ، ﻭﻧﺤﻮﻫﻤﺎ، ﺻﺤﺔ ﻫﺬا اﻟﻠﻔﻆ، ﻓﺄﻣﺮﻭﻩ ﻭﺗﻜﻠﻤﻮا ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺑﺄﻥ ﺫﻟﻚ اﻟﻘﺪﺭ ﻻ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ اﻻﺳﺘﻮاء. ﻭﺫﻛﺮ ﻋﻦ اﺑﻦ اﻟﻌﺎﻳﺬ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ: “ﻫﻮ ﻣﻮﺿﻊ ﺟﻠﻮﺱ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ”. ﻭاﻟﺤﺪﻳﺚ ﻗﺪ ﺭﻭاﻩ اﺑﻦ ﺟﺮﻳﺮ اﻟﻄﺒﺮﻱ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ ﻭﻏﻴﺮﻩ، ﻭﻟﻔﻈﻪ “ﻭﺇﻧﻪ ﻟﻴﺠﻠﺲ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﻤﺎ ﻳﻔﻀﻞ ﻣﻨﻪ ﻗﺪﺭ ﺃﺭﺑﻊ ﺃﺻﺎﺑﻊ” ﺑﺎﻟﻨﻔﻲ. ﻓﻠﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺇﻻ اﺧﺘﻼﻑ اﻟﺮﻭاﻳﺘﻴﻦ -ﻫﺬﻩ ﺗﻨﻔﻲ ﻣﺎ ﺃﺛﺒﺘﺖ ﻫﺬﻩ-. ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ اﻟﺠﺰﻡ ﺑﺄﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﺭاﺩ اﻹﺛﺒﺎﺕ، ﻭﺃﻧﻪ ﻳﻔﻀﻞ ﻣﻦ اﻟﻌﺮﺵ ﺃﺭﺑﻊ ﺃﺻﺎﺑﻊ ﻻ ﻳﺴﺘﻮﻱ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺮﺏ. ﻭﻫﺬا ﻣﻌﻨﻰ ﻏﺮﻳﺐ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻗﻂ ﺷﺎﻫﺪ ﻓﻲ ﺷﻲء ﻣﻦ اﻟﺮﻭاﻳﺎﺕ. ﺑﻞ ﻫﻮ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ اﻟﻌﺮﺵ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ اﻟﺮﺏ ﻭﺃﻛﺒﺮ. ﻭﻫﺬا ﺑﺎﻃﻞ، ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ ﻭاﻟﺴﻨﺔ، ﻭﻟﻠﻌﻘﻞ. ﻭﻳﻘﺘﻀﻲ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻧﻪ ﺇﻧﻤﺎ ﻋﺮﻑ ﻋﻈﻤﺔ اﻟﺮﺏ ﺑﺘﻌﻈﻴﻢ اﻟﻌﺮﺵ اﻟﻤﺨﻠﻮﻕ ﻭﻗﺪ ﺟﻌﻞ اﻟﻌﺮﺵ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻨﻪ. ﻓﻤﺎ ﻋﻈﻢ اﻟﺮﺏ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻤﻘﺎﻳﺴﺔ ﺑﻤﺨﻠﻮﻕ ﻭﻫﻮ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ اﻟﺮﺏ. ﻭﻫﺬا ﻣﻌﻨﻰ ﻓﺎﺳﺪ، ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻤﺎ ﻋﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭاﻟﺴﻨﺔ ﻭاﻟﻌﻘﻞ. ﻓﺈﻥ ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻳﺒﻴﻦ ﻋﻈﻤﺔ اﻟﺮﺏ، ﻓﺈﻧﻪ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﻠﻢ ﻋﻈﻤﺘﻪ. ﻓﻴﺬﻛﺮ ﻋﻈﻤﺔ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻭﻳﺒﻴﻦ ﺃﻥ اﻟﺮﺏ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻨﻬﺎ”[مجموع الفتاوى(١٦/٤٣٤)].
[٢٢]|[تاريخ الطبري(١/٨)].
[٢٣]|[تهذيب التهذيب(٧/٥٢-٥٣)].
[٢٤]|[تهذيب التهذيب(١/٢٦٢)].
[٢٥]|[الوافي بالوفيات، للصفدي،(٢/٢٨٧)].
[٢٦]|[مختصر العلو(٢٢٣)].
[٢٧]|[العرش(٢/١٥٥)].
[٢٨]|[درء التعارض(١/١١٥)].
[٢٩]|[الكبائر(١٣٣)].
[٣٠]|[الأحاديث المختارة(١/٢٦٤)].
[٣١]|[السنة(١/٣٠٢)].