بسم الله
آفة طلاب العلم الاستعجال وعدم الامتثال لناصح سبقهم في الطريق.
لما كنت في أول الطلب.. كنت أريد من يشرح لي تحفة المحتاج؛ لأنها أعظم كتب المذهب، وأن من عرفها عرف المذهب (تصور شخصا لم يقرأ أبا شجاع يطلب التحفة)، وظللت أبحث عن شيخ يشرح لي الكتاب، ولو وجدته آنذاك.. لم أكن لأفهم شيئا ذا بال.
المهم اشتريت التحفة وبدأت في القراءة.. فلم أفهم أول جملة من الكتاب، وظللت سنة أقر تلك الجملة وأحاول التفهم ساعات ولا أفهم.
وحضرت دروسا هنا وهناك في كتب كبار، إلى أن هداني الله وأخذ بيدي وعرفت (بعد إضاعة سنوات) أنه لابد من البداءة بصغار العلم قبل كباره، فاستفدت من قراءة أبي شجاع وابن قاسم وتحفة الطلاب وغيرها من كتب المبتدئين ما لم أستفده من دروس الكتب الكبيرة.
فطعام الكبار سم للصغار، غير أن الصغير لا تمييز له؛ فيريد أكل الخشن، ولو ترك.. لخنقه الطعام وقتله.
كذا يجب على المعلم الناصح ألا يدع طلابه يختارون ما لا يناسبهم، بل يقسرهم على ما يناسبهم وإن لم يكن ذلك بصورة الإجبار.
====
ثم لما من الله علي وأذن لي المشايخ بالتدريس.. جاءني طالبان يريدان قراءة مغني المحتاج، فسألتهما ماذا قرءا وماذا حفظا؟
فكان الجواب أنا كنا نعرف مذهب الحنابلة جيدا، ونعرف طريقة الفقهاء.. فنريد تجاوز مرحلتي المبتدئين والمتوسطين.
فقلت لهما: بل نقرأ متن أبي شجاع أولا، فذهب أحدهما يبحث عن غيري، وصبر الآخر.
فختمت معه أبا شجاع، وابن قاسم، والتنبيه، والمنهاج، والحاوي ومواضع كثيرة من نهاية المحتاج، وبقي الآخر إلى الآن يبحث عمن يقرئه مغني المحتاج.