المقارنة بين متون الشافعية للشيخ أشرف سهيل

المقارنة بين متون الشافعية

 

قال الشيخ أشرف سهيل الشافعي -حفظه الله تعالى-:

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أتناول هنا أشهر متون الشافعية المتداولة المتوسطة، وهناك غيرها كانت مشهورة إلا أنها ليست مداولة لم أذكرها وهي: مختصر المزني، والتنبيه [للشيخ]، والوجيز والخلاصة [كلاهما للحجة]، والمحرر [للرافعي]، والحاوي الصغير [للقزويني]، والمنهاج، والإرشاد والروض [كلاهما لابن المقري]، والمنهج [لشيخ الإسلام، وعلى المنهج مختصر يعرف بـ: نهج الطالب لأشرف المطالب للجوهري أضيفه على عمل الشيخ].

 

والمتون أنواع؛ من حيثيات:

الأولى: من حيث ذكر الخلاف الفقهي المذهبي، وفي كيفية ذلك، وفي استيعابه الخلاف.

الثانية: من حيث ذكر الخلاف مع المذاهب الأخرى.

الثالثة: من حيث تعقيد الألفاظ.

الرابعة: من حيث سرد المسائل سردا أو تفقير الكتاب.

الخامسة: من حيث ذكر الأدلة أو التعليلات.

السادسة: من حيث شمول الأبواب، والفروع.

السابعة: من حيث صحة الأقوال في المذهب.

 

* * *

 

الأول: الذي يذكر الخلاف المذهبي

 

الوجيز، والتنبيه، والمحرر، والمنهاج، والغاية القصوى.

 

طَرِيقَةُ التَّنْبِيه [للشيخ]:

  • يَذْكُرُ الأَقْوَال، وَكَثِيرًا لَا يُرَجِّحْ؛ كَقَولِهِ: “وَإِنْ انْفَتَحَ فَوقَ المعدة فَفِيهِ قَولَانِ. وَإِن لَمْ يَنْسَدْ المعتاد لَمْ يَنْتَقِضْ الوُضُوء بِالخَارِجِ مِنْ فَوقِ المَعْدَةِ، وَفِيمَا تَحْتَهَا وجهان. والثاني: زوال العقل إلا النوم قاعدًا مفضيا بمحل الحدث إلى الأرض. والثالث: أن يقع شيء من بشرته على بشرة امرأة أجنبية، فإن وقع على بشرة ذات رحم محرم ففيه قولان. وفي الملموس قولان”.
  • وقد يجزم بقول، ثم يذكر خلافًا؛ كَقَولِهِ: “وَإِنْ وَقَعَ في ماءٍ دون القلتين نجاسة لا يدركها الطرف، لم تنجسه، وقيل: تنجسه، وقيل: فيه قولان”.
  • وقد يذكر القولان، ويعلل، أو يذكر فائدة؛ كقوله: “وإن كان مما يدركها الطرْف؛ فإن كانت ميتة لا نفس لها سائلة لم تنجِّسه في أحد القولين، وهو الأصلح للناس، وتنجِّسه في الآخر، وهو القياس”.

 

طريقة الوجيز في عرض الخلاف:

  • إما أن يشير إلى بذكر حرف مفيد أن هناك وجه (و)، و(ز) لخلاف المزني، وإما أن يذكره مرجحا كقوله: “ولو فرق النية على أعضاء الوضوء لم يجز على أظهر الوجهين”.
  • وقد يذكر الخلاف دون ترجيح؛ كقوله: “ولو أغفل لمعة في الأولى فانغسلت في الكرة الثانية على قصد التنفل ففي ارتفاع الحدث وجهان” والوجيز أراد أن يذكر أكثر الخلافات في المذهب.

 

المنهاج والمحرر طريقتهما تقريبًا واحدة، وهي:

  • بذكر نحو: “في أصح الوجهين” ونحو: “في الأصح” (على تفصيلات ذكرها النووي في مقدمته) ونحو: “وفي قول كذا” أو: “قيل كذا” مثال: “ويستثنى ميتة لا دم لها سائل فلا تنجس مائعا على المشهور، وكذا في قول نجس لا يدركه طرف. قُلْتُ: ذا القول أظهر والله أعلم“.
  • ولم يلتزما ذكر كل خلاف في المذهب [قُلْتُ: لا يرد على المنهاج عتاب في ذلك؛ فقد ألتزم فعل الرافعي]، ينبه عليه الإسنوي، وابن النقيب والدميري [قُلْتُ: ولا يعني ذلك تصويب كل ما أوردوه على المنهاج].
  • ولم يلتزم النووي اصطلاحه في مواضع نبه عليه الشراح [لم نجد موضع خالف فيها المنهاج ما وعد ونص على التزامه في المقدمة].
  • ويرجحان دائمًا، إلا ما ندر[قُلْتُ: وهما موضعان]، بخلاف التنبيه والوجيز.

 

طريقة الغاية القصوى:

  • أن يعرض قولا، ثم يعرض مقابله في صورة اعتراض، ثم يجيب على الاعتراض أو أن يذكر “كذا” على المذهب أو أن يذكر أن في المسألة قولان، ثم يذكر الأصح أو الأظهر، ولم يستوعب الخلاف.

 

روض ابن المقرئ:

  • قال محقق الكتاب إنه أشار إلى الخلاف بتكبير الخطأ أو برمز –ولا أذكر أنه يظهر في المطبوعة–.

 

* * *

 

الثاني: الذي يذكر الخلاف بين المذاهب

 

طريقة الوجيز: بالإشارة بحرم (ح) إلى خلاف أبي حنيفة، و(م) إلى خلاف مالك.

 

طريقة الخلاصة: بذكر خلاف أبي حنيفة.

 

طريقة الغاية القصوى: بذكر خلاف أبي حنيفة ومالك أحيانا، ثم مناقشة الخلاف أخذا وردا.

طريقة مختصر المزني: ذكر خلاف أبي حنيفة أحيانا، وذكر مخالفة المزني للشافعي.

 

* * *

 

الثالثة: من حيث تعقيد الألفاظ

 

الذي في عبارته نوع تعقيد: الحاوي الصغير، ومختصره الإرشاد، والمنهج، والغاية القصوى، الروض.

 

والذي في عبارته نوع يسر: مختصر المزني، والتنبيه، والوجيز، والمنهاج وأيسر منه المحرر [قُلْتُ: الأوجه تقديم عبارة المنهاج على عبارة المحرر]، والخلاصة: عبارته سهلة سلسة.

 

* * *

 

الرابعة: من حيث سرد المسائل سردا أو تفقير الكتاب

 

الذي يفقر الكتاب تفقيرًا جيدًا: الوجيز، والخلاصة، والغاية القصوى، والروض.

وأما: مختصر المزني، والتنبيه، والمنهاج والمحرر، والمنهج، والحاوي الصغير والإرشاد فيفقرون الأبواب والفصول، لا المسائل.

 

* * *

 

الخامسة: من حيث ذكر الأدلة أو التعليلات

 

الذي يذكرها كثيرًا: الغاية القصوى، والخلاصة.

الذي يذكرها أحيانًا: مختصر المزني، والوجيز.

والذي يذكرها نادرًا: التنبيه، والمحرر والمنهاج.

والذي لا يذكرها أبدًا: الحاوي الصغير والإرشاد والمنهج، والروض.

 

* * *

 

السادسة: من حيث شمول الأبواب، والفروع

 

أحجام أكثر هذه الكتب من حيث الشمول تقريبًا متساوية.

وأقلها: الخلاصة.

وأوعبها وأكبرها: الروض، ثم الوجيز.

وعمدة السالك قريبة من المنهاج –مع ذكر الخلاف– في العبادات، وأقل بكثير من بقية الكتاب.

 

وأما بقية المتون؛ كأبي شجاع وتحرير تنقيح اللباب، فهي مقدمة لها.

 

* * *

 

السابعة: من حيث صحة الأقوال في المذهب

 

أصحها: المنهج لتأخر شيخ الإسلام زكريا، ولكون على ترجيحاته هو وتلاميذه التعويل لغير مجتهدي المذهب.

ثم الروض والإرشاد.

ثم المنهاج ثم المحرر والحاوي الصغير.

ثم الوجيز والتنبيه، والخلاصة.

ثم مختصر المزني لتقدمه.

وذلك لكون المتأخر أكثر تحريرا وتنقيحا من المتقدم، لكونه مستدكا متأخرا، مع أن المتقدم أكثر علما وجلالة.

 

* * *

 

الثامنة: الشروح والخدمة المتوفرة

 

المنهاج أكثرها شروحا متوفرة، والمحرر لا شرح له مطبوع، وإن كان لا يحتاج إلى شرح غالبا مع وجود شروح المنهاج والمنهج له شرح واحد لشيخ الإسلام، وعليه حاشيتان متوفرتان للجمل والبجيرمي –كأنها خلاصة الجمل مع تحقيقات- ويستعان بشروح المنهاج. التنبيه: شرح ابن الرفعة –لكنه لا يناسب المبتدئ-، والسيوطي، وتصحيح النووي مطبوعة. الخلاصة: تحقيق د. أمجد رشيد بين ما يحتاج إلى بيان غالبا، وبين ما خلاف الغزالي فيه المعتمد. الحاوي الصغير: شروحه لم تطبع. الإرشاد: شرح ابن المقري وابن حجر الصغير مطبوعة. الروض: شرح شيخ الإسلام مطبوع، لكن المتن بالشرح لا يناسبان المبتدئ. الوجيز: الشرح الكبير مطبوع – لكنه لا يناسب المبتدئ-. مختصر المزني: شروحه المطبوعة مطولات (البحر، الحاوي، نهاية المطلب). فمن ثم يظهر إعتماد أكثر المدرسين على المنهاج: لأنه من أكثر المذكور صحة، ولأنه يعرض أشهر الخلاف بيسر، ولتوفر شروحه، ولعدم تعقيد عبارته، مع عدم طوله؛ إلا أنه يعيبه عدم تفقيره للمسائل على طريقة الوجيز. ومن لا يعتني بذكر الكتاب للخلاف، ولا يمانع من التعقيد اللفظي اعتمد على المنهج والإرشاد. والتنبيه حل محله المنهاج لكونه أكثر تحريرا للأقوال، ولترجيحه، وإن كان هناك بعض المدرسين يشرح التنبيه، بل السيوطي وهو متأخر. الوجيز هُجر لنوع طوله، ولمخالفته للأقوال الصحيحة المحتاجة إلى استدراكات فيها نوع كثرة مقارنة بالمنهاج والإرشاد. معاصر لشيخ الإسلام زكريا –والخطيب الشربيني وهو تلميذ شيخ الإسلام– شرحه (مخطوط). والخلاصة لم يشتهر في زمننا لتأخر طباعته. والحاوي الصغير استبدله الإرشاد –مختصره–. والروض: فيه طول، وعسر وتعقيد. اهـ كلام الشيخ حفظه الله تعالى.

اترك رد